نجحت شركة أسمنت العامرية في الصعود بأرباحها خلال عام 2009، رغم التحديات التي تواجه القطاع، سجلت الأرباح زيادة في الربع الثالث بنسبة %43 مسجلة 133 مليون جنيه مقابل 93 مليون جنيه في فترة المقارنة. وأعطي ذلك دفعة لأرباح الشركة في الأشهر التسعة الأولي من العام الحالي لترتفع بنسبة قياسية بلغت %50. جاء ذلك نتيجة تمكن الشركة من مقاومة الضغط الواقع علي هامش ربح المبيعات انعكاساً لزيادة تكلفة الإنتاج، وسجل هامش ربح المبيعات في نهاية الأشهر التسعة الأولي %42، مقابل %43 في ديسمبر 2008.
جاء استمرار الشركة في تحقيق طفرات في الأرباح، ونجاحها في توليد تدفقات نقدية ضخمة ليزيد من فرص استمرارها في توزيع كوبونات نقدية سخية، علي غرار عام 2008 حيث قامت بتوزيع كوبونات نقدية عن الأرباح بقيمة 5.91 جنيه، تمثل عائداً بنسبة %13 علي سعر السهم في تداولات الأسبوع الحالي البالغ 43 جنيهاً.
وواصلت أسعار الأسمنت مطلع العام الحالي التحرك قرب أعلي مستوياتها علي الإطلاق فوق 500 جنيه. وساهم ارتفاع الأسعار في الحد من الضغط الواقع علي هامش ربح المبيعات نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج. وارتفعت تكلفة الإنتاج خلال الأشهر التسعة الأولي بنسبة %45 مسجلة 799 جنيهاً مقابل 550 جنيهاً في فترة المقارنة. وجاء ارتفاع قيمة المبيعات بنسبة أقل بلغت %42 مسجلة 1.370 مليار جنيه مقابل 960 مليون جنيه في فترة المقارنة. وكان ذلك السبب وراء هبوط هامش ربح المبيعات مسجلاً %42 مقابل %43.
وساهم في الحد من الضغط علي هامش ربح المبيعات، نجاح الشركة في النزول بتكلفة الإنتاج بخلاف الغاز والبنزين لمستويات غير متاحة لعدد كبير من شركات القطاع. يأتي ذلك لتمكنها من تحيق مزايا اقتصادية من الشركات التابعة والصديقة التي تعمل في مجالي صناعة الأسمنت والنقل، بالإضافة إلي الصناعات الهندسية المرتبطة بخطوط إنتاج الأسمنت. وجاء ذلك مصحوبا بعمل الشركة بقرب كامل طاقتها الإنتاجية، ليمكنها من النزول بتكلفة الطن التشغيلية لمستويات غير متاحة لأغلب شركات القطاع، وساهمت تلك العوامل في الحد من الضغط الواقع علي هامش ربح المبيعات نتيجة ارتفاع تكلفة المواد الخام الداخلة في الصناعة، وفي مقدمتها الغاز الطبيعي والبنزين.
وتفرض ضخامة الرافعة التشغيلية لشركات الأسمنت، التي تأتي علي خلفية كون المصروفات الثابتة للإنتاج تمثل أكثر من ثلثي إجمالي التكلفة، علي الشركات العمل بكامل طاقتها التشغيلية، حتي تستطيع تحقيق هامش ربح مجز. وكانت الترشيحات تتجه لقيام شركات الأسمنت في المرحلة الحالية بحرق الأسعار لزيادة حصصها السوقية. وقامت شركات الأسمنت بتحرك جماعي لرفع الأسعار، لتفادي السيناريو الصعب للشركات الذي شهده عام 2003، نتيجة الزيادة المطردة للعرض وتراجع الطلب، ما أدي لحرق الأسعار وتراكم المخزون.
كان ارتفاع أسعار الأسمنت عام 2008 قد دفع صافي مبيعات أسمنت العامرية للارتفاع بنسبة %38 مسجلاً 1.3 مليار جنيه، مقابل 942 مليون جنيه عام 2007. من جهة أخري ارتفع مجمل ربح المبيعات بنسبة أقل بلغت %33 مسجلة 551 مليون جنيه مقابل 414 مليون جنيه في عام 2007. وكان السبب وراء ذلك التراجع المحدود لهامش ربح المبيعات نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج مسجلاً %42 مقابل %44 في فترة المقارنة.
وكان أداء أسمنت العامرية قد تفوق علي القطاع خلال عام 2008 نتيجة كونها كانت ضمن أقل الشركات تأثراً بفرض الحظر علي التصدير منذ مطلع أبريل 2008، والذي تم مده حتي أكتوبر 2010، وجاء ذلك نتيجة لكونها قد اعتمدت بحد كبير في السنوات الأخيرة علي السوق المحلية لتصريف إنتاجها، ولم تقم الشركة بتصدير يذكر خلال 2008، والأشهر التسعة الأولي من العام الحالي، وكانت صادراتها في عام 2007، وقبل فرض حظر التصدير، قد انحصرت علي 90 ألف طن تمثل %3 من مبيعات الشركة، يأتي ذلك في الوقت الذي تأثرت فيه أغلب شركات الأسمنت بحظر التصدير، كونها كانت قد قامت في عام 2007 بإرسال شرائح متزايدة من منتجاتها للأسواق الخارجية تحسبا للتغيرات التي قد تشهدها السوق علي المدي المتوسط بعد نزول خطوط الإنتاج تحت الإنشاء للشركات القائمة، وسيؤدي ذلك بالضرورة لزيادة العرض علي الطلب بالتزامن مع التباطؤ الذي تشهده »العقاري« والمرشح للاتساع بعد الانتهاء من المشروعات الجارية، خاصة الفاخر منها. ومن شأن ذلك أن يدفع أسمنت العامرية لإعادة النظر في سياستها التسويقية التي تعتمد إلي حد كبير علي السوق المحلية. وكأن أكثر شركات الأسمنت تصديراً في السنوات الأخيرة قبل فرض الحظر عليه متوسطة الحجم منها، وفي مقدمتها أسمنت مصر بني سويف وأسمنت قنا، حيث ساهمت صادراتهما في إجمالي الإنتاج بنسبة %52 و%33 علي التوالي.
كان عدم إرسال شركة أسمنت العامرية منتجاتها للأسواق الإقليمية والأوروبية عام 2008 والأشهر التسعة الأولي من عام 2009، قد حد من قدرتها علي تحميل كامل الزيادة في تكلفة الإنتاج علي الأسعار المحلية، وكان ذلك إثر اعتمادها بشكل كلي منذ شهر مارس 2008 علي السوق المحلية لترويج مبيعاتها بعد قرار وزير التجارة حظر تصدير الأسمنت بداية من مارس وحتي مطلع أكتوبر 2010 لإعادة التوازن إلي السوق المحلية بين العرض والطلب. وأدي ذلك إلي تصاعد المنافسة بين الشركات العاملة لزيادة الحصص السوقية لتعويض غياب الصادرات، ما حد من قدرتها علي زيادة الأسعار. من جهة أخري استفادت أسمنت العامرية من كونها واحدة من أكبر الشركات من ناحية الحصة السوقية، حيث تمثل طاقتها الإنتاجية حوالي %8 من إجمالي الطاقة الإنتاجية لقطاع الأسمنت، ومكنها ذلك من العمل بقرب كامل طاقتها الإنتاجية رغم تصاعد المنافسة، وزيادة العرض، وساهم ذلك بدوره في الحد من الضغط الواقع علي هامش ربح المبيعات نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج.
استفادت شركات الأسمنت من تحركها بشكل جماعي لتفادي الحرق المحتمل حدوثه في حال تحرك كل شركة منفردة لزيادة حصتها السوقية لحين رفع الحظر عن التصدير. وقامت بالفعل شركات الأسمنت برفع جماعي لأسعار الأسمنت قبل أن يستقر مؤخراً قرب مستوي 500 جنيهاً. وكانت الدولة قد قامت في هذا النطاق منتصف الشهر الحالي، بإلزام شركات الأسمنت بتحديد سعر معين للشيكارة، وتسجيله علي العبوة، ونجحت تلك الإجراءات بالفعل في كبح جماح صعود الأسعار، الأمر الذي دفع وزير التجارة والصناعة لأن يعلن عن امكانية رفع الحظر عن التصدير في حال استمرار التوازن في السوق المحلية بين العرض والطلب.
وتأتي هذه القرارات الحاسمة من جانب الدولة لمواجهة التحدي الواضح من قبل شركات الأسمنت، انعكاساً لاصرارها علي الحد من ارتفاع أسعاره. وكانت قد قامت بالفعل في هذا الإطار بفرض غرامات رادعة علي شركات الأسمنت قررتها أحكام قضائية في الربع الثالث من العام الماضي. وكان من ضمن الذين تعرضوا لهذه العقوبات شركة أسمنت العامرية التي فرضت عليها غرامة بقيمة 10 ملايين جنيه نتيجة ضلوعها مع باقي شركات الأسمنت في أنشطة احتكارية تهدف إلي الصعود بأسعار الأسمنت في تصرف جماعي. ورغم أن مبلغ الغرامة المفروض علي شركة أسمنت العامرية في حد ذاته لا يشكل عبئاً علي مركزها المالي لتمتعها بمستويات سيولة مرتفعة وتدفقات نقدية قوية، فإن تلك الغرامات توضح اصرار الدولة علي وضع حد للارتفاعات الحادة، والمتتالية في أسعار الأسمنت لتفادي تأثيره علي الأنشطة العقارية التي تعاني بالفعل من تباطؤ واضح مرشح للاتساع عند الانتهاء من الأنشطة العقارية القائمة.
قامت أسمنت العامرية في الأشهر التسعة الأولي من العام الحالي، بالحد من المخصصات المبنية لمواجهة التقلبات في أسعار الطاقة والمطالبات المحتملة، وانحصر ما تم بناؤه من مخصصات علي 15 مليون جنيه مقابل 36 مليون جنيه في فترة المقارنة. وأعطي ذلك دفعة لإيرادات النشاط لترتفع في الأشهر التسعة الأولي بنسبة %47 مسجلة 539 مليون جنيه مقابل 365 مليون جنيه في فترة المقارنة.
من جهة أخري تلقت الأرباح دفعة قوية من خارج النشاط نتيجة تضاعف العائد من الفوائد مسجلاً 10.5 مليون جنيه، مقابل 5.2 مليون جنيه في فترة المقارنة. جاء ذلك انعكاساً لارتفاع رصيد الشركة من أذون الخزانة مسجلاً 164 مليون جنيه مقابل 86 مليون جنيه في فترة المقارنة. من جهة أخري حدت الشركة من رصيدها من النقدية والحسابات الجارية ليسجل في نهاية سبتمبر 35 مليون جنيه مقابل 67 مليون جنيه في فترة المقارنة.
ومما أعطي أرباح أسمنت العامرية دفعة كونها تعتمد علي التمويل الذاتي إلي حد كبير في تمويل التوسعات التي تجريها، وانفاقها الاستثماري. وتراجعت المصروفات التمويلية في الأشهر التسعة الأولي من العام الحالي إلي النصف مسجلة 4 ملايين جنيه مقابل 8 ملايين جنيه في الأشهر التسعة الأولي من عام 2008. ومما اعطي دفعة إضافية للأرباح تحقيق الشركة أرباحاً لافتة من فروق تقييم الالتزامات النقدية بالعملة الأجنبية في بداية ونهاية الفترة. وحققت الشركة أرباحاً من هذا البند في الأشهر التسعة الأولي بلغت 9 ملايين جنيه مقابل 2 مليون جنيه في فترة المقارنة. وكانت المحصلة ارتفاع الأرباح في الأشهر التسعة الأولي بنسبة %50 مسجلة 436 مليون جنيه مقابل 287 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وتواجه أسمنت العامرية تحديات صعبة في العام المالي الحالي شأنها شأن باقي شركات القطاع، فمن جهة من المنتظر أن ينكسر الاتجاه الصعودي لأسعار الأسمنت كون الدولة قد أبدت اصرارها علي دفع شركات الأسمنت علي تخفيض الأسعار، للحد من تباطؤ القطاع العقاري الذي يمثل أحد أهم شرايين الاقتصاد. ومن شأن انكسار الاتجاه الصعودي للأسعار أن يشكل ضغوطاً علي هامش ربح شركات الأسمنت، وسوف يأتي الضغط المنتظر علي الأسعار ليعيد التصدير لصدارة أولويات شركات الأسمنت. من جهة أخري جاءت الأزمة المالية العالمية لتدفع القطاع العقاري نحو الركود علي مستوي العالم، وسيحد ذلك من الطلب علي الأسمنت في الأسواق الخارجية، وبالتالي سيضغط علي خيار التصدير. ويجئ الضغط المتوقع علي الأسعار متزامناً مع الهبوط المنتظر للطلب علي المدي القصير محلياً وإقليمياً، كون الطلب مرشحاً للتراجع نتيجة التباطؤ الذي يشهده قطاع العقارات، خاصة الفاخر منها، وتزامن ذلك مع نزول طاقات إنتاجية جديدة محلياً وخليجياً، وبالتالي سيزيد العرض علي الطلب. ومما سيحد من الضغط الواقع علي أسمنت العامرية نتيجة الاهتزاز المنتظر للتصدير، عمل الشركة بقرب كامل طاقتها الإنتاجية، نتيجة اتساع حصتها من السوق المحلية لتدور حول %8، وسيكون حفاظ الشركة علي حصتها السوقية في المرحلة الحالية، واستمرار الأسعار في التحرك حول مستوياتها الحالية، عاملين رئيسيين في حفاظ الشركة علي الاتجاه الصعودي لأرباحها.