ارتفاع قياسي في أرباح‮ »‬أسمنت العامرية‮« ‬رغم تحديات القطاع

ارتفاع قياسي في أرباح‮ »‬أسمنت العامرية‮« ‬رغم تحديات القطاع
جريدة المال

المال - خاص

2:26 م, الثلاثاء, 24 مارس 09

فريد عبد اللطيف:
 
نجحت شركة أسمنت العامرية في الصعود بأرباحها في عام 2008 بنسبة قياسية بلغت %42
جاء ذلك نتيجة تمكنها من الحفاظ علي هامش ربح المبيعات عند مستواها السابق. وقامت الشركة باستغلال تمتعها بتدفقات نقدية ضخمة لتقوم بتوزيع كوبون بقيمة 5.91 جنيه، تساوي عائداً بنسبة %20 علي سعر السهم في اقفال الأحد الماضي البالغ 30 جنيهاً.

 
ونجحت الشركة في الصعود بأرباحها علي الرغم من التحديات الصعبة التي تواجه القطاع. وكانت تلك التحديات قد دفعت شركات الأسمنت للتحرك بشكل جماعي لرفع أسعار الأسمنت في السوق المحلية لتجنب حرقها، في تحد واضح لتوجه الدولة وسلسلة الإجراءات التي اتخذتها لتهدئة الأسعار.
 
ووصلت الأسعار الاسبوع الحالي لقرب أعلي مستوياتها علي الاطلاق، ليتراوح السعر الرسمي المعلن من قبل شركات الأسمنت – تسليم المصنع – بين 475 و540 جنيهاً مقابل 460 جنيهاً في مطلع عام 2008.
 
وساهم تمكن الشركة من الحفاظ علي هامش ربح مبيعاتها، في النزول بتكلفة الإنتاج لمستويات غير متاحة لعدد كبير من شركات القطاع.
 
ويأتي ذلك لتمكنها من تحقيق مزايا اقتصادية من الشركات التابعة والصديقة التي تعمل في مجال صناعة الأسمنت والنقل، بالإضافة إلي الصناعات الهندسية المرتبطة بخطوط انتاج الأسمنت. وجاء ذلك مصحوبا بعمل الشركة بقرب كامل طاقتها الإنتاجية، ومكنها ذلك من النزول بتكلفة الطن التشغيلية لمستويات غير متاحة لاغلب شركات القطاع، وساهمت تلك العوامل في الحد من الضغط الواقع علي هامش ربح المبيعات نتيجة ارتفاع تكلفة المواد الخام الداخلة في الصناعة، وفي مقدمتها الغاز الطبيعي والبنزين.
 
وتفرض ضخامة الرافعة التشغيلية لشركات الأسمنت – التي تجيء علي خلفية كون المصروفات الثابتة للانتاج تمثل اكثر من ثلثي اجمالي التكلفة – تفرض علي الشركات العمل بقرب كامل طاقتها التشغيلية، حتي تستطيع ان تحقق هامش ربح مجزٍ.
 
وكانت الترشيحات تتجه لقيام شركات الأسمنت في المرحلة الحالية بحرق للأسعار لزيادة حصصها السوقية. وقامت شركات الأسمنت لتفادي ذلك بتحرك جماعي لرفع الأسعار، لتفادي السيناريو الصعب لشركات الأسمنت الذي شهده عام 2003، نتيجة الزيادة المطردة للعرض وتراجع الطلب، وأدي ذلك لحرق الأسعار وتراكم المخزون.
 
كان ارتفاع أسعار الأسمنت في عام 2008 قد دفع صافي مبيعات أسمنت العامرية للارتفاع بنسبة %38 مسجلاً 1.3 مليار جنيه مقابل 942 مليون جنيه في عام 2007. من جهة اخري ارتفع مجمل ربح المبيعات بنسبة اقل بلغت %33 مسجلاً 551 مليون جنيه مقابل 414 مليون جنيه في عام 2007. وكان السبب وراء ذلك، التراجع المحدود لهامش ربح المبيعات نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج مسجلاً %42 مقابل %44 في فترة المقارنة.
 
وكان أداء أسمنت العامرية قد تفوق علي القطاع في عام 2008 نتيجة كونها كانت ضمن اقل الشركات تاثرا بفرض حظر علي التصدير من مطلع ابريل حتي نهاية سبتمبر الماضي.
 
جاء ذلك نتيجة كونها قد اعتمدت لحد كبير في السنوات الاخيرة علي السوق المحلية لتصريف انتاجها، ولم تقم الشركة بتصدير يذكر في عام 2008، وكانت صادراتها في عام 2007، وقبل فرض حظر التصدير، قد انحصرت في 90 الف طن مثلت %3 من مبيعات الشركة. يجيء ذلك في الوقت الذي تأثرت فيه أغلب شركات الأسمنت بالحظر علي التصدير. وكانت هذه الشركات قد أرسلت في عام 2007 شرائح متزايدة من منتجاتها للاسواق الخارجية، تحسبا للتغيرات التي قد تشهدها السوق علي المدي المتوسط بعد نزول خطوط الإنتاج تحت الانشاء للشركات القائمة، وسيؤدي ذلك بالضرورة لزيادة العرض علي الطلب، بالتزامن مع التباطؤ الحادث للانشطة العقارية والمرشح للاتساع. ومن شأن ذلك ان يدفع أسمنت العامرية لاعادة النظر في سياستها التسويقية التي تعتمد إلي حد كبير علي السوق المحلية. وكان اكثر شركات الأسمنت تصديرا في عام 2007 متوسطة الحجم وفي مقدمتها أسمنت مصر بني سويف وأسمنت قنا، حيث ساهمت صادراتهما في اجمالي الإنتاج بنسبة %52 و%33 علي التوالي.
 
كان عدم ارسال شركة أسمنت العامرية منتجاتها للاسواق الاقليمية والاوروبية في عام 2008 قد حد من قدرتها علي تحميل كامل الزيادة في تكلفة الإنتاج علي الأسعار المحلية، وكان ذلك اثر اعتمادها بشكل كلي منذ مارس 2008 علي السوق لترويج مبيعاتها بعد قرار وزير التجارة بحظر تصدير الأسمنت بدءا من مارس وحتي مطلع اكتوبر 2008 لاعادة الاتزان في السوق المحلية بين العرض والطلب. وأدي ذلك إلي تصاعد المنافسة بين الشركات العاملة لزيادة الحصص السوقية لتعويض غياب الصادرات، مما حد من قدرتها علي زيادة الأسعار.
 
من جهة أخري استفادت أسمنت العامرية من كونها واحدة من اكبر الشركات من ناحية الحصة السوقية، حيث تمثل طاقتها الإنتاجية حوالي %8 من اجمالي الطاقة الإنتاجية لقطاع الأسمنت، ومكنها ذلك من العمل بقرب كامل طاقتها الإنتاجية، علي الرغم من تصاعد المنافسة وزيادة العرض. وساهم ذلك بدوره في الحد من الضغط الواقع علي هامش ربح المبيعات نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج.
 
واستفادت شركات الأسمنت من تحركها بشكل جماعي لتفادي الحرق المحتمل حدوثه في حال تحرك كل شركة منفردة لزيادة حصتها السوقية لحين رفع الحظر عن التصدير. وقامت بالفعل شركات الأسمنت برفع جماعي لأسعار الأسمنت ليصل في الربع الثالث من العام الماضي إلي اعلي مستوياته بملامسته 550 جنيهاً للطن، وتبع ذلك قيام شركات الأسمنت في الاسابيع الاخيرة بزيادة جديدة في الأسعار. وقامت الدولة في هذا النطاق في مطلع الشهر الماضي، بإلزام شركات الأسمنت بتحديد سعر معين للشيكارة، وتسجيله علي العبوة، ومن المنتظر ان تبدأ تلك الاقرارات في كبح جماح الأسعار علي المدي المنظور، خاصة بعد احالة عدد من رؤساء مجالس ادارات شركات الأسمنت إلي النائب العام الشهر الماضي، ومن ضمنها أسمنت العامرية.
 
 يجيء التصرف القوي من الدولة لمواجهة التحدي الواضح من قبل شركات الأسمنت، انعكاسا لاصرارها علي الحد من ارتفاع أسعار الأسمنت. وكانت قد قامت بالفعل في هذا النطاق بفرض غرامات رادعة علي شركات الأسمنت باحكام قضائية في الربع الثالث من العام الماضي. وكان من ضمن المتعرضين لعقوبات شركة أسمنت العامرية التي فرضت عليها غرامة بقيمة 10 ملايين جنيه نتيجة ضلوعها مع باقي شركات الأسمنت في انشطة احتكارية تهدف إلي الصعود بأسعار الأسمنت في تصرف جماعي. وعلي الرغم من كون الغرامة المفروضة علي شركة أسمنت قنا في حد ذاتها لا تشكل عبئاً علي مركزها المالي لتمتعها بمستويات سيولة مرتفعة وتدفقات نقدية قوية، فإن تلك الغرامات توضح اصرار الدولة علي وضع حد للارتفاعات الحادة المتتالية في أسعار الأسمنت، مع فشلها في هذا النطاق بالرفع الاخير لأسعار الأسمنت، ويلقي ذلك بظلاله علي الانشطة العقارية التي تعاني بالفعل من تباطؤ واضح.
 
وسيجيء التراجع المرتقب لأسعار الأسمنت علي المدي المتوسط ليلقي بظلاله حول امكانية تمكن شركات الأسمنت من المحافظة علي معدلات النمو القياسية في أرباحها التي شهدتها خلال السنوات الثلاث الاخيرة.
 
كانت أسمنت العامرية قد نجحت في الصعود بأرباحها في عام 2008 بنسبة %43 مسجلة 408 ملايين جنيه مقابل 286 مليون جنيه في عام المقارنة. وجاء الصعود القياسي في الأرباح علي الرغم من قيام البنك ببناء مخصصات ضخمة خلال العام بلغت 30 مليون جنيه، بينما انحصرت المخصصات المبنية خلال فترة المقارنة في 5 ملايين جنيه. يجيء التعزيز القياسي لبند المخصصات نتيجة مواجهة بند المطالبات المحتملة.
 
من جهة اخري شهدت الأرباح دفعة قوية نتيجة للصعود القياسي للعائد من الفوائد مسجلاً 6.9 مليون جنيه مقابل 1.2مليون جنيه في عام المقارنة. وجاء ذلك انعكاسا لارتفاع النقدية والارصدة لدي البنوك مسجلة 67 مليون جنيه مقابل 61 مليون جنيه في عام المقارنة.
 
ومما سيعطي أرباح أسمنت قنا دفعة قوية في المرحلة الحالية كونها تعتمد علي التمويل الذاتي إلي حد كبير في تمويل التوسعات التي تجريها، وانفاقها الاستثماري. وبلغت المصروفات التمويلية في عام 2008 ما قيمته 10 جنيهات مقابل 13 مليون جنيه في عام 2007.
 
وسوف تواجه أسمنت العامرية تحديات صعبة في العام المالي الحالي، شأنها شأن باقي شركات القطاع.

 
ومن جهة أخري من المنتظر ان ينكسر الاتجاه الصعودي لأسعار الأسمنت، كون الدولة قد أبدت اصرارها علي دفع شركات الأسمنت لتخفيض الأسعار للحد من تباطؤ القطاع العقاري الذي يمثل أحد أهم شرايين الاقتصاد. ومن شأن انكسار الاتجاه الصعودي للأسعار ان يشكل ضغطاً علي هامش ربح شركات الأسمنت، وسوف يجيء الضغط المنتظر علي الأسعار ليعيد التصدير لصدارة أولويات شركات الأسمنت.

 
من جهة اخري جاء اندلاع الازمة المالية العالمية ليدفع القطاع العقاري نحو الركود علي مستوي العالم، وسيحد ذلك من الطلب علي الأسمنت في الاسواق الخارجية، وبالتالي سيضغط علي خيار التصدير.
 
ويجيء الضغط المتوقع علي الأسعار متزامنا مع الهبوط المنتظر للطلب علي المدي القصير محلياً واقليميا، كون الطلب مرشحاً للتراجع نتيجة التباطؤ الذي يشهده قطاع العقارات، وتزامن ذلك مع نزول طاقات إنتاجية جديدة محلياً وخليجياً، وبالتالي سيزيد العرض علي الطلب. ومما سيحد من الضغط الواقع علي أسمنت العامرية نتيجة الاهتزاز المنتظر للتصدير عمل الشركة بقرب كامل طاقتها الإنتاجية، نتيجة اتساع حصتها من السوق المحلية لتدور حول %7، وسيكون حفاظ الشركة علي حصتها السوقية في المرحلة الحالية، واستمرار الأسعار في التحرك حول مستوياتها الحالية عاملاً رئيسياً في حفاظ الشركة علي الاتجاه الصعودي لأرباحها.

 
جريدة المال

المال - خاص

2:26 م, الثلاثاء, 24 مارس 09