اتفاقية «FTA» من «قاطرة» اقتصادية إلي «كابوس» سياسي!

اتفاقية «FTA» من «قاطرة» اقتصادية إلي «كابوس» سياسي!
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 5 فبراير 06

مني كمال:
 
اصبح جليا من خلال التصريحات الاخيرة لوزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد عقب عودته من دافوس الاسبوع الماضي واعلانه ارجاء بدء المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة بين مصر وامريكا «FTA » إلي ابريل المقبل بعد ان كان مقررا لها ان تبدأ في فبراير الحالي ـ ان «الملف السياسي» صار يمثل حجر العثرة في طريق توقيع تلك الاتفاقية وان الاصلاح الاقتصادي سيظل يدفع ثمن الاشتباك حول الاصلاح السياسي بين واشنطن والقاهرة.

 
وكان كل من روبرت زوليك نائب وزير الخارجية الامريكية وروبرت بورتمان الممثل التجاري الامريكي قد ابديا بعض التحفظات بشأن قضايا الاصلاح السياسي في مصر والتي تعتبرها القاهرة شأنا داخليا ينظمها الدستور والقوانين المصرية.
 
لم تكن هذه المرة الاولي التي تخضع لها مصر لمثل هذه الضغوط الامريكية والربط الواضح للقضايا السياسية والقضايا الاقتصادية بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة حيث جاء البيان الختامي الذي صدر عن مجلس الاعمال العربي للمنتدي الاقتصادي العالمي في اجتماعات مؤتمره بالمنامة العام الماضي معبرا عن الانصياع الضمني لتلك الضغوطات وذلك من خلال اعترافه بأن المزايا المباشرة لاتفاقيات التجارة الحرة مع امريكا قد تكون محدودة الا ان هذه الاتفاقيات الثنائية تحمل في طياتها مزايا أعمق من جهة ما تنص عليه من اصلاحات داخلية توجبها هذه الاتفاقيات.
 
وهو ما جاء الموقف المصري رافضا له لما لهذه الاتفاقية من طابع متشدد في فرض اصلاحات داخلية علي مصر وبعض دول المنطقة.
 
ومن المعروف ان الجانب المصري كان يحاول ومنذ فترة طويلة الاسراع بإنشاء منطقة التجارة الحرة او علي الاقل بدء المفاوضات الرسمية بشأنها الا ان تلك المحاولات كان يقابلها فتور وتباطؤ امريكي وذلك بالرغم من اعتبار مصر توقيع اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة «الكويز» مع كل من امريكا واسرائيل كانت تمثل الخطوة الاولي نحو بدء المفاوضات.
 
وبالنظر الي مدي اهمية انشاء منطقة تجارة حرة مع امريكا نجد انه قد تحسن العجز الدائم في الميزان التجاري بين مصر وامريكا الذي يبلغ 2.5 مليار دولار سنويا، كما انها قد تساعد في جذب المزيد من الاستثمارات الامريكية التي لا تزال محدودة ويتركز اغلبها في قطاع البترول، ولكن المسئولين الامريكيين يأخذون في اعتبارهم عدد النقاط التي تتمثل في مدي ما يحققه توقيع اتفاقية ثنائية مع مصر من تدفق الاستثمارات الاجنبية اليها ونمو في حجم الاقتصاد المصري والقدرة الشرائية لدي مواطنيه.
 
ويبقي الاختيار في يد المفاوض المصري هل يكون رافضا لكل الشروط ام يضطر لقبول بعضها، وماذا اذا كانت بعض الاصلاحات المقترحة قد تتفق مع الاصلاحات التي تقوم بها مصر حاليا سواء اقتصاديا او سياسيا فهل الايجابيات التي قد تعكسها تلك الاتفاقية علي الاقتصاد المصري بالرغم من تأكيد العديد من خبراء الاقتصاد علي محدوديتها في الوقت الحالي لعدم تهيؤ الاقتصاد المصري بعد لفتح اسواقه للمنتجات الامريكية وغيرها واستفادة قطاعات اقتصادية محدودة من هذه الاتفاقية، قد تعادل ما يمكن ان ينتج عنها من سلبيات.
 
وعلي الجانب الآخر لا يزال «الملف السياسي» ايضا يعوق التوصل لاتفاق مع الاتحاد الاوروبي حول ما يسمي «سياسة الجوار» والذي ساهم في فشل كافة المفاوضات حتي الآن رغم تعديل العديد من المقترحات والبنود من قبل الجانبين المصري والاوروبي.
 
فيما لا يوجد جدل كبير حول «الملف الاقتصادي» الذي يتمثل في تقديم المساندة من قبل الاتحاد الاوروبي لدعم الاقتصاد المصري سواء عن طريق التبادل التجاري والاعفاء الجمركي وزيادة الحصص وهو ما تقننه اتفاقية الشراكة المصرية الاوروبية او عن طريق التوسع في تقديم المساعدات المالية من خلال بعض المؤسسات الاوروبية التي تقوم بالاقراض واعطاء المنح والمساعدات لدعم التنمية وكذلك تقديم الدعم الفني وتوفير الخبرات الاوروبية.
 
الا ان «الملف السياسي» وما به من قضايا تراها مصر تدخلا في الامور الداخلية قد شهد اكبر قدر من الخلاف بين الجانبين المصري الاوروبي وذلك لما يشمله من اقتراحات اوروبية بشأن تبادل الخبرات والتعاون في عمليات الانتخابات وتسجيل الناخبين كذلك الديمقراطية وحقوق الانسان واستقلالية النظام القضائي وما يتعلق بتشجيع المساواة ومكافحة التمييز والعنف ضد المرأة والاختلاف الواضح حول تعريف مكافحة الارهاب تلك القضايا التي مازالت تهدد بفشل المفاوضات القادمة التي من المقرر عقدها في فبراير الحالي وذلك اذا لم يتم التوصل لحلولا بشأنها.
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 5 فبراير 06