أمنية إبراهيم
نظريا توجد علاقة وثيقة بين تراجع أسعار العملة المحلية لأى بلد وارتفاع تكلفة أعباء خدمة الدين الخارجى لأن الدولة ستكون مضطرة لدفع مزيد من عملتها المحلية لتوفير العملة الصعبة اللازمة لسداد أقساط ديونها الخارجية، لكن مصرفيين رهنوا تأثر الدين الخارجى لمصر، بتراجع قيمة الجنيه، بمدى القدرة على تدبير موارد النقد الأجنبى، متوقعين تحسن هذا الملف عقب انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادية فى مارس المقبل بمدينة شرم الشيخ، مع زيادة التوقعات بتدفق هائل لرؤوس الأموال الأجنبية منتصف العام الحالى.
من جانبه يرى محسن رشاد، رئيس قطاع المؤسسات المالية والعلاقات الدولية بالبنك العربى الإفريقى الدولى، أن تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، لن ينعكس بصورة مباشرة على الدين الخارجى لارتباط سداد الدين وفوائده بموارد الدولة الدولارية، التى تشير التوقعات بقوة إلى تحسن مرتقب فيها عقب انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادية بمدينة شرم الشيخ.
وأوضح أن المؤشرات الأولية تعزز النظرة التفاؤلية، وهناك توقعات بزيادة الموارد الدولارية للدولة، وتحسن الميزان التجارى وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية، عقب مؤتمر مارس، وهو ما يزيد ويرفع القدرة على الالتزام بالديون الخارجية.
ولفت رشاد إلى أن خفض سعر صرف الجنيه أمر طبيعى، وتصحيح للأوضاع، فمن غير المنطقى أن يظل سعره ثابتًا امام الدولار رغم ارتفاع الأخير أمام العملات الرئيسية عالمياً.
وتابع: اعباء الدين الخارجى لن تتأثر بشكل مباشر وقد تتحسن قدرة مصر فى فترة قريبة مع زيادة موارد الدولة وتدفق الاستثمار المباشر الاجنبى، وكذلك تحسن التصنيف الائتمانى، لافتاً إلى انه يتوقع ان تقوم مؤسسة ساندرد آند بورز برفع التصنيف الائتمانى لمصر فى وقت قريب، وقد يتبعها «موديز» الأكثر تحفظاً.
وأوضح أن مصر بصدد طرح سندات دولارية بالخارج، وانه يرى ان الوقت مناسب نسبياً بعد رفع مؤسسة «فيتش» التصنيف الائتمانى لمصر، وتحسن المؤشرات والنمو الاقتصادى فى الربع الأخير من العام الماضى، وتدشين عدد من المشروعات القومية الضخمة ومنها مشروع محور التنمية وقناة السويس الجديدة، والمركز اللوجيستى العالمى، وكل العوامل تساعد على تيسير عملية الطرح بالخارج.
وأوضح انه لابد من تغطية الفجوة التمويلية لاستكمال الخطط والمشروعات، وقد يزيد ذلك من اعباء الدين الخارجى، ولكن هناك فى المقابل تحسنًا مرتقبًا على نصف العام الحالى بدافع الإجراءات التى تتخذها الحكومة والبنك المركزى حاليًا.
وعن الضغوط والاعباء الى تواجهها الحكومة والبنك المركزى، مع انخفاض قيمة الجنيه اشار إلى زيادة الضغوط على البنك المركزى، فيما يخص إدارته لسوق العملة، كما أن هناك مشكلة يصعب حلها فى فترة وجيزة، وهى اتجاه العاملين بالخارج للبيع فى السوق الموازية للاستفادة من فروق الأسعار.
وتابع: تخفيض قيمة الجنيه لن يضر بمصالح مصر، وهو وضع تصحيحى وطبيعى، لكن يوجد فى المقابل سعى شديد وراء زيادة موارد الدولة من العملات الأجنبية، وتحسين بنية ميزان المدفوعات، والتركيز بصفة رئيسية على موارد القطاع الخدمى، مثل إيرادات السياحة وقناة السويس وهو المكون الرئيسى لموارد النقد الأجنبى، وعدم الاعتماد على القروض والمنح التى تعتبر بمثابة مسكنات مؤقتة.
وأكد أن برنامج العمل الجاد الذى تتبناه الحكومة الحالية لمعالجة الدعم، ورفعه تديجيًا على مدى 5 سنوات، وكذلك معالجة نقص الإيرادات وتشوهات بعض التشريعات الضريبية واستهداف التضخم، لها مردود ايجابى على احتياطيات الدولة من النقد الاجنبى ومعدلات النمو، وتعتبر خطوة على الطريق الصحيح لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة.
وقال مدير إدارة الأموال والخزانة بأحد البنوك إنه لا يوجد تأثير مباشر لخفض قيمة الجنيه على الدين الخارجى لمصر، وإنه فى حال أتت الرياح بما تشتهى السفن فإنه لن يكون هناك أى تأثير سلبى على الدين الخارجى لمصر، بل ستتحسن قدرتها على التعامل مع ديونها الخارجية، مثلما كانت الحال فى السابق قبل تآكل الاحتياطى الأجنبى وتراجع الموارد الدولارية.
وأوضح أن الصورة قد تبدو ضبابية ومخيفة إلى حد ما، لكن الوضع فى حقيقة الأمر يتحسن ويستجيب نسبياً لمحاولات وخطط الحكومة، وستعزز نتائج مؤتمر شرم الشيخ من وضوح الرؤية المستقبلية، وهناك توقعات بتدفق هائل لرؤوس الأموال الأجنبية.