مصرفيون: الائتمان وجذب أموال منخفضة التكاليف ملاذ آمن للحفاظ على الربحية
ماجد فهمى: خفض الطروحات يعزِّز عودة البنوك لدورها التنموي
أسامة المنيلاوى: زيادة فوائض السيولة تدفع العائد على الأدوات للتراجع.. ولا مفر من تأثر الأرباح
تامر يوسف: الاعتماد على الأموال منخفضة التكلفة.. ضرورة
رئيس قطاع خزانة: “المالية” لن تتمكن من تقليل العجز.. وينبغى على المصارف استقطاب عملاء جدد
هبة محمد
توقَّع مصرفيون هبوط إيرادات البنوك من الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية “أذون وسندات الخزانة”، خلال العام الحالى، فى ضوء اتفاق البنك المركزى مع وزارة المالية على تقليص التمويل النقدى لعجز الموازنة، وفقًا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأت الحكومة تطبيقه مؤخرًا.
وتعتمد البنوك المحلية على أدوات الدين الحكومية فى توليد نسبة تتراوح بين 20 و70% من إيراداتها، تبعًا لمسحٍ أجرته “المال” على القوائم المالية الصادرة عن 19 بنكًا، بنهاية الربع الثالث من العام الماضى.
وأكد مصرفيون صعوبة تحديد نسبة التراجع المرتقبة فى إيرادات الاستثمار فى الأذون والسندات الحكومية، خاصة أنها مرهونة بحجم فوائض السيولة المتاحة لدى كل بنك، بالإضافة لتكلفة الأموال.
وقالوا إن البنوك أمامها 3 سيناريوهات لتعويض التراجع المتوقَّع بعوائد أدوات الدين فى ضوء تقليص الطروحات، أوّلها التركيز على ضخ التمويل لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى يحظى باهتمام كبير، ويحقق عوائد جيدة؛ نظرًا لاتساع قاعدة عملائه.
فيما ينصبُّ السيناريو الثاني فى خفض تكلفة الأموال وتعديل هيكل الخصوم وخلق فجوة مُوجبة للعائد عليها، عبر الاعتماد على الحسابات الجارية والتوفير، وتخفيف أثر تحمُّل عبء ارتفاع العائد الخاص بالأوعية مرتفعة الفائدة التى تم طرحها بعد تحرير سعر الصرف، أما الثالث فيرجّح التركيز والتوسع فى خدمات التجزئة المصرفية.
من جانبه قال ماجد فهمى، رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال، إن تقليص التمويل النقدي لعجز الموازنة قد يخفِّض إجمالي الإيرادات المحقَّقة من أدوات الدين، ومن ثَمّ ربحية البنوك بصورة عامة خلال المرحلة المقبلة، مؤكدًا جاهزية البنوك لقبول الأمر والتعامل معه، خاصة أنه يصب فى صالح الاقتصاد بشكل عام، ويدفعها لممارسة دورها التنموى.
وأضاف فهمي أن القطاع المصرفي سيبحث عن بدائل أخرى لجني أرباح تمكِّنه من مواصلة العمل وتوليد أرباح مُرضية، مشيرًا إلى أن منح الائتمان والتمويل سيستحوذ على حيز أكبر، مع التركيز على ضخ القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ونظيرتها الكبرى التى تسهم بنسبة مرتفعة من نمو إجمالي الناتج المحلي.
وأكد أن الدور والوظيفة الرئيسية للبنوك تتمحور حول جذب مدخرات المواطنين، وإعادة ضخِّها بمشروعات تنموية تخدم الأنشطة الاقتصادية، وليس تمويل عجز الموازنة، لافتًا إلى أنه من المفترض أن تتواكب خطوات الحكومة لتقليص مديونياتها مع عودة دوران عجلة الإنتاج وزيادة الاستثمارات بصورة واضحة، ومن ثم ستصاحبه زيادة واضحة فى الطلب على الائتمان.
ولفت إلى صعوبة التكهن بنسبة محددة لتراجع العوائد المحتمَلة، ولا سيما أنها مرهونة بحجم استثمارات كل بنك بتلك الأدوات، وحجم الربحية المتوقَّعة خلال المرحلة المقبلة.
واتفق معه فى الرأي أسامة المنيلاوي، مساعد مدير عام قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة، متوقعًا تراجع إيرادات وحدات القطاع من استثمارات أدوات الدين، لا سيما بعد قرار وزارة المالية تقليص طروحاتها، بما ينعكس على فوائض السيولة لدى البنوك، ويخفِّض سعر الفائدة على تلك الأدوات نتيجة زيادة العروض للاكتتاب فيها.
وأشار المنيلاوي إلى أن كل البنود المحقِّقة للأرباح المصرفية ستتأثر بصورة واضحة خلال العام الحالى، بما يجعله عامًا صعبًا على القطاع، موضحًا أن بعض البنوك ستواجه صعوبات فى زيادة معدلات ربحيتها خلال عام 2017، فى ظل ارتفاع تكلفة الأموال نتيجة طرح شهادات الادخار مرتفعة العائد الذى يصل إلى 20% للأوعية ذات أجل 18 شهرًا، و16% لأجل 3 سنوات.
ولفت إلى أن تذبذب سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، دفع أغلب الشركات للعزوف عن خططها التوسعية، وهو ما أدى لانكماش حجم الائتمان الموجَّه إليها، فيما أكد صعوبة اعتبار تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أحد بدائل تحقيق الأرباح فى ظل ارتفاع مخاطرها، واحتياجها لعدد كبير من موظفي الائتمان، لإجراء الدراسات ومتابعة الأداء، كما أنها قد لا تحقق الربحية المستهدفة لبعض البنوك الصغرى.
واستطرد المنيلاوى أنه سيتم التركيز على الأموال الجديدة الوافدة للبنوك من العملاء “Fresh Money”، والتى ستتميز بتراجع عوائدها، مقارنة بنظيرتها التى تم طرحها خلال 2016، بما يسهم فى ارتفاع قدرة وحدات القطاع المصرفى على مواصلة عملها وتحقيقها أرباحًا مرتفعة فى السنوات المقبلة.
ووصف العام الحالى بأنه مرحلة انتقالية لممارسة البنوك دورها فى إقراض المشروعات، والاستغناء عن تمويل عجز الموازنة.
وقال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك، إن عوائد أدوات الدين قد لا تتأثر سلبًا بتراجع قيمة العطاءات المحتمَلة لوزارة المالية، خاصة أن الحكومة ستواصل تجديد طرح عطاءات أدوات الدين القائمة لديها، بما يسهم فى استمرار توظيف البنوك لفوائض السيولة بتلك الأدوات.
وأضاف أن قيمة الزيادة فى أدوات الدين التى كان من المتوقع طرحها، قد تقل بصورة واضحة بعد تقليص التمويل النقدي لعجز الموازنة، وهو ما قد يؤدي لخفض العائد على أذون الخزانة، مما يؤثر سلبًا على حجم الربحية الناتجة عن تشغيل الأموال بهذه الأدوات.
وأكد يوسف أن بعض البنوك لديها قدرة على تحقيق معدلات ربحية مرتفعة خلال الفترة المقبلة، بدعم من تحقيقها فجوة إيجابية لأسعار الفائدة، موضحًا أن تلك الفجوة تنتج عن استثمار البنوك بأصول طويلة الأجل بعوائد مرتفعة، بما يمكِّنها من تسجيل ربحية ملائمة فى حال تراجع قيمة طروحات أدوات الدين، وتراجع الفائدة فى الأجل القريب أو المتوسط.
وأشار إلى أن البعض الآخر قد يحقق فجوات سلبية لأسعار الفائدة، ومن ثم تتراجع أرباحه بصورة ملموسة، مشددًا على ضرورة التعامل مع فجوات أسعار الفائدة بكفاءة، عبر تعديل لجان الأليكو سياستها المرتبطة بجذب الأموال “الخصوم” من العملاء، والتخلص من الودائع مرتفعة التكلفة والتركيز على هيكل الحسابات الجارية والتوفير بشكل أكبر من الودائع والشهادات ذات الأجل الزمني المحدد.
وقال رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك، إن المؤشرات الأولية لعطاءات “المالية” تعكس استمرار التوسع فى الاستدانة الداخلية، بما يشير إلى قدرة البنوك على مواصلة تحقيق ربحية مرتفعة من الاستثمار بتلك الأدوات، لافتًا إلى أن الوزارة قد لا تتمكن من خفض قيمة المزادات بصورة كبيرة، وهو ما يصب فى صالح البنوك.
ولفت إلى أنه فى حال تنفيذ “المالية” اتفاقية تقليص التمويل النقدى للعجز، فإنه ينبغى على البنوك استبدال ذلك بأدوات تمويلية جديدة، منها البحث عن عملاء جدد، سواء بقطاع التجزئة المصرفية أو تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتى تخلق لديها قاعدة موسَّعة من النشاط الائتمانى.