إنهاء احتجاج عمالي سيفضي إلى استئناف صادرات ليبيا النفطية

أدى تراجع الإنتاج الليبي إلى تفاقم النقص في المعروض في أسواق النفط العالمية

إنهاء احتجاج عمالي سيفضي إلى استئناف صادرات ليبيا النفطية
أيمن عزام

أيمن عزام

4:40 م, السبت, 16 يوليو 22

من المنتظر أن يفضي إنهاء احتجاج عمالي إلى استئناف صادرات ليبيا النفطية وإنتاج النفط في جميع حقولها بعد أن فرض العمال حصارًا على منشآت النفط استمر لأشهر، وقلّص إنتاج ليبيا من النفط إلى النصف.

استئناف صادرات ليبيا النفطية

في تصريح متلفز بعد التوصل إلى اتفاق مع المحتجين ورؤساء القبائل على إعادة فتح الحقول وموانئ تصدير النفط الليبية التي ظلت معطلة منذ منتصف أبريل الماضي، قال الرئيس الجديد لـ”المؤسسة الوطنية للنفط”، فرحات بن قدارة: “تعلن المؤسسة الوطنية للنفط رفع حالة القوة القاهرة، وانتهاء إغلاق جميع حقول النفط والموانئ الليبية”.

تراجع إنتاج ليبيا- وهي عضو في منظمة “أوبك”- بحوالي 50% خلال الأشهر الأخيرة جراء الصراع على السلطة بين الحكومتين المتنافستين، في حين أسفر نقص الاستثمار المتواصل في البنية التحتية عن هبوط الإنتاج أيضًا.

تراجع الإنتاج الليبي

وقد أدى تراجع الإنتاج الليبي إلى تفاقم النقص في المعروض في أسواق النفط العالمية، مما أسفر عن تنامي الضغوط على الأسعار التي أسهمت في ارتفاع معدلات التضخم في أنحاء العالم كافة.

جاء الإعلان عن إعادة تشغيل الحقول والموانئ خلال مؤتمر صحفي في بنغازي، فقد سعى بن قدارة الذي تولى منصبه مؤخرًا، بدلًا من رئيس مجلس الإدارة مصطفى صنع الله الذي خدم لفترة طويلة، إلى معالجة المخاوف بشأن “المؤسسة الوطنية للنفط” بعد إصلاح مجلس الإدارة، حيث تعهّد بأن تواصل المؤسسة عملها بشكل “محترف وبعيدًا عن السياسة”، وزيادة الإنتاج بسرعة إلى مستوياته الطبيعية التي تتراوح بين 1.2 و1.3 مليون برميل يوميًّا، في وقت “قريب جدًّا”.

وكان بن قدارة قد صرّح، في مقابلة مع “بلومبرج” عقب ساعات من خلافته صنع الله: “تتمثل الخطوة الأولى التي سأقوم بها في العودة إلى معدلات إنتاج النفط السابقة قبيل الإغلاق، وسيجري ذلك خلال أسبوع واحد”.

في قلب الصراعات

ظلت منشآت الطاقة في ليبيا في قلب الصراعات السياسية التي تشهدها البلاد، إذ أوقفت جماعات مختلفة إنتاج النفط من أجل مطالب سياسية واقتصادية متنوعة.

وفي آخر واقعة ضغط المحتجون لإقالة صنع الله، إذ كان الخلاف الدائر بين الأخير ووزارة النفط التي عادت السنة الماضية لتصبح تحت سيطرة حكومة طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مصدرًا أساسيًّا آخر لحالة عدم الاستقرار.

أكّد بن قدارة، خلال المؤتمر الصحفي، الجمعة، أن “المؤسسة الوطنية للنفط” تحت قيادته ستتعاون وتعمل بالتنسيق مع الحكومة ووزارة النفط.

من جهته دعا وزير النفط محمد عون مرات عديدة الدبيبة إلى الإطاحة بصنع الله، ساعيًا بلا جدوى لإقالته مرة واحدة على أقل تقدير السنة الماضية.

قرر الدبيبة أخيرًا استبداله، وأرسل قوة حكومية إلى مقر “المؤسسة الوطنية للنفط” يوم الأربعاء لتنصيب مجلس الإدارة الجديد. رفض صنع الله الرحيل، واحتجّ، في خطاب متلفز في المساء، بأن حكومة الدبيبة تفتقر إلى الشرعية.

أظهر مقطع فيديو، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الخميس، موظفين يتجمعون عند مدخل المقر لمنع أعضاء لجنة التسليم من الدخول. لكن في وقت لاحق، استطاع بن قدارة دخول المبنى بحماية قوة حكومية.. وغادر صنع الله.

تحول مفاجئ

لم تكن عملية الانتقال سلسة. كما أصدرت “المؤسسة الوطنية للنفط” بقيادة صنع الله بيانًا يتهم جماعة مسلحة موالية للدبيبة باقتحام المبنى ومهاجمة الموظفين قبيل تنصيب المجلس الجديد باستخدام القوة.

أثار التحول المفاجئ- علمًا أنَّه يمكن الزعم بأنها كانت المؤسسة الوحيدة في ليبيا التي استطاعت البقاء غير مسيّسة وسط حالة الاستقطاب الحاد في البلاد- أسئلة تتعلق بقدرة “المؤسسة الوطنية للنفط” على الوفاء بالعقود المبرمة مع شركات النفط الأجنبية، والإبقاء على سير عملية التشغيل دون عملية تسليم جيدة.

يعود الفضل إلى صنع الله في المحافظة على المؤسسة موحدة بطريقة كبيرة، ومتسامية فوق الاعتبارات السياسية منذ توليه المنصب في عام 2014، إلى جانب توقيع عقود مع شركات أجنبية، وحضوره اجتماعات منظمة “أوبك” ممثلًا عن ليبيا.

قال السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند في سلسلة تغريدات على “تويتر”، يوم الخميس، إن السفارة الأميركية تتابع تطورات “المؤسسة الوطنية للنفط”،

مشيرًا إلى أنه “قد يجري الطعن في قرار تغيير مجلس إدارة المؤسسة المعلن أمام المحكمة، ولكن يتعين ألا يتحول الموضوع إلى مواجهة مسلحة”.

وجاء في إحدى التغريدات: “نتابع بقلق عميق التطورات الجارية في مؤسسة النفط التي تعتبر مهمة لتحقيق استقرار ليبيا وازدهارها، والتي ظلت مستقلة سياسيًّا، وتتمتع بكفاءة فنية في ظل قيادة مصطفى صنع الله”.

تحديث لمنشآت النفطية

قال بن قدارة إن العمليات التشغيلية ستسير بطريقة سلسة، وإن “المؤسسة الوطنية للنفط” ستحصل على ميزانية قدرها 35 مليار دينار ليبي (7.2 مليار دولار) التي تحتاج إليها من أجل تحديث المنشآت النفطية.

وأضاف أنَّه ستكون هناك زيادة لرواتب العاملين فيها، مؤكدًا في الوقت نفسه أنَّ مجلس إدارة المؤسسة السابق سيُعامل “بكل احترام وتقدير”، ولن يجري تغييره في الفترة الراهنة.

وقال بن قدارة: “ستتاح لهم الفرصة، لكن يتوجب عليهم أن يؤدوا عملهم بكفاءة ونزاهة من دون ولاءات شخصية”.

كذلك، أكد بن قدارة أن “المؤسسة الوطنية للنفط ستلتزم بكل التعاقدات المبرمة مع الشركاء، وسنحاول تطوير علاقتنا معهم لرفع مستوى الإنتاج”.

تتطلع المؤسسة إلى زيادة إنتاج النفط ليصل إلى 3 ملايين برميل يوميًّا خلال سنتين، في حال تمكنت من تلقي التمويل الحكومي الكافي لتطوير الحقول ومحطات التصدير وصون البنية التحتية.