خالد بدر الدين
قررت بعض شركات الطيران العالمية مثل جيت بلو ايرويز كورب، ودلتا ايرلانيز إلغاء طلبات شراء طائرات جديدة أو تأجيل تسلمها بسبب ارتفاع أسعار البترول وتعثر اقتصادات صناعة شركات الطيران.
بدأت شركات طيران أخري تكرار الخطوات التي اتخذتها عقب أحداث 11 سبتمبر عام 2001 حيث ألغت العديد من رحلاتها وباعت طائراتها الجديدة لشركات تأجيل الطائرات لكي تحصل علي سيولة مالية ثم تقوم باستئجار هذه الطائرات مرة أخري علي أساس شهري تبعاً لحاجتها إليها.. ويصل إجمالي قيمة الطائرات التي طلبت شركات الطيران شراؤها من كونسرتيوم ايرباص الأوروبي وشركة بوينج الأمريكية أكثر من 500 مليار دولار، وهذا يعني أن إلغاء طلبات الشراء وتأجيل تسلم الطائرات بسبب خسائر تقدر بعشرات المليارات من الدولارات لهاتين الشركتين، وكذلك لشركات توريد المحركات وقطع الغيار الأخري.
وكانت شركات صناعة الطائرات قد تلقت منذ ثلاث سنوات حوالي 7000 طلب شراء طائرات نفاثة جديدة موفرة للوقود لدرجة أنها باعت معظم إنتاجها لثلاث سنوات مقبلة، وكانت تعتزم أيضاً رفع معدلات إنتاجها لمواجهة ارتفاع الطلب علي شراء طائرات حديثة، غير أن تزايد ارتفاع أسعار الوقود مع التوقعات التي تؤكد اقتراب الاقتصاد الأمريكي من الركود أدت إلي إلغاء معظم هذه الطلبات، وأيضاً خفض الإنتاج من الطائرات.
وأشارت صحيفة »وول ستريت جورنال« إلي أن المسئولين في »بوينج« و»ايرباص« لا يشعرون بمخاوف كبيرة لأن طلبات شراء الطائرات جاءت من شركات طيران من دول عديدة، مما يجعل شركتي إنتاج الطائرات بمعزل عن أي تقلبات اقتصادية إقليمية، ومع ذلك فإن طلبات إلغاء الشراء أو تأجيل التسلم جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بعض دول أوروبا وكذلك من الهند.
ويقول ستيفن أودفار هازي ــ رئيس ومؤسس شركة »انترناشيونال ليزفاينانس كورب« العملاقة لتأجير الطائرات التابعة لشركة »أمريكان انترناشيونال جروب« وهي من أكبر عملاء شركات صناعة الطائرات ــ إن حوالي %25 إلي %30 من طلبات شراء الطائرات سيتم إلغاؤها اذا استمرت أسعار الوقود في الارتفاع غير المتوقع.
وكانت شركات الطيران العالمية قد طلبت شراء طائرات حديثة لتواجه النمو المرتفع الذي توقعته منذ سنوات قليلة في صناعة الرحلات الجوية، وكذلك لإحلال الطائرات القديمة وغير الموفرة للوقود.. لكن مع وصول سعر برميل البترول إلي 135 دولاراً مؤخراً، فإن العديد من شركات الطيران أوقفت العديد من رحلاتها.
والغريب أن شركات الطيران الأمريكية الكبيرة التي تحملت سنوات من المتاعب المالية بعد أحداث 11 سبتمبر مازالت تعاني من توابعها حتي الآن، فهي لا تستطيع الطيران بطائراتها القديمة التي تستهلك كميات ضخمة من الوقود، ولا تستطيع شراء طائرات جديدة موفرة للوقود لتحل محل طائراتها القديمة!!
كما لا تستطيع الانتظار أكثر من ذلك لشراء طائرات حديثة تواجه بها ارتفاع فاتورة الوقود.
ويري جون ليهي رئيس قسم العملاء بكونسرتيوم ايرباص أن معظم طلبات شراء طائرات الايرباص ستظل في مأمن طالما أن المسافرين مستمرين في السفر بالطائرات.. ولكن هذا ليس مؤكداً في ظل الارتفاع الهائل المستمر في أسعار البترول والتي من المحتمل أن تتجاوز 150 دولاراً للبرميل قبل أن تسبب ركوداً عالمياً وتجعل صناعة الطيران تدخل في مرحلة الكساد وعندئذ ستفكر شركات الطيران في عدم شراء أي طائرات جديدة.
ولكن سكوت كارسون رئيس شركة بوينج يؤكد أنه لم يتلق أي طلبات إلغاء شراء الطائرات التي طلبتها شركات الطيران سابقاً، ولكنها طلبت فقط تأجيل استلام طائراتها من عام 2008 إلي السنوات المقبلة.
وكانت شركات الطيران الأمريكية تريد تغيير طائراتها القديمة بطائرات حديثة توفر الوقود باهظ التكاليف مثل شركة أمريكان ايرلانيز التي أرادت شراء طائرات بوينج B737 الأرخص بنسبة %25 في التشغيل لتحل محل أسطولها البالغ 300 طائرة من طراز MD 80 .
أما شركة كونتننتال ايرلاينز ويو اس ايرويز فتقولان إنهما ملتزمتان بشراء الطائرات التي طلبتها كل منهما لأنهما تعتزمان إحالة 100 طائرة قديمة إلي التقاعد المبكر في الأشهر القليلة المقبلة.
وأعلنت شركة »جيت بلو« التي كانت تتوقع معدل نمو مرتفعاً في العام الماضي أنها أجلت تسلم 21 طائرة ايرباص A320 لمدة خمس سنوات بينما باعت شركة ايرتران في أبريل الماضي طائرتين جديدتين من طراز B737-200 وأجلت تسلم 18 طائرة أخري لمدة أربع سنوات.
حتي شركة »ساوث ويست ايرلاينز« التي تعد أقوي شركة أمريكية من حيث صلابتها المالية فقد أجلت تسلم 14 طائرة إلي عام 2009 و14 طائرة أخري إلي الأعوام التالية ولن تستلم هذا العام سوي 29 طائرة جديدة فقط.
وصرحت شركة دلتا الأمريكية مؤخراً بأنها باعت 34 طائرة B737 من إجمالي 36 طائرة كانت قد طلبت شراءها إلي أطراف ثالثة لتوفر انفاقها من رأس المال بحوالي 1.4 مليار دولار فيما بين الآن وعام 2010 ولكن ذلك البيع لم يكن بسبب تعثر الظروف الاقتصادية وانما لأنها كانت تقع تحت حماية محكمة الافلاس عندما تعرضت لأزمة مالية منذ سنوات قليلة.
كما أن شركة يو اس ايرويز قررت منذ 18 شهراً وفي ظروف اقتصادية مختلفة تماماً عما هي الآن أن تتخلص من طائراتها القديمة من طراز بوينج B737 وB757 وB762 وطلبت شراء طائرات ايرباص جديدة، ولكنها الآن تطلب من كونسرتيوم ايرباص إلغاء بعض طلبات الشراء وتأجيل تسلم طائرات أخري دون ذكر أسباب ذلك، وتراجعت أيضاً شركة نورث ويست ايرلانيز الأمريكية عن شراء 18 طائرة بوينج B787 التي أعلنت شراءها سابقاً، كما تعتزم بيع 14 طائرة بوينج B757 وايرباص A320 وسوف تستبعد أيضاً من أسطولها 33 طائرة من طراز DC9 وستحاول العثور علي مشترين معظمهم من خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن المدهش أن ديف ديفيز رئيس الشئون المالية بشركة نورث ويست ايرلانيز يقول إن الظروف الاقتصادية المتعثرة حالياً أدت إلي انكماش طاقة الرحلات الجوية، ولكن ذلك ليس بسبب عدم تسلم طائرات جديدة، وإنما بسبب إحالة العديد من الطائرات القديمة إلي التقاعد المبكر.