
أكد عدد من خبراء سوق المال أن خطوة تمرير الدستور لها انعكاسات إيجابية على أداء البورصة، التى شهدت ارتفاعاً فى مؤشراتها بالتزامن مع بدء الاستفتاء خلال الأسبوع الماضى، مرجحين أن تتخذ السوق منحى صاعداً لفترة من الوقت.
وعلى صعيد استعادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، رجح الخبراء أن يستمر إحجام المستثمرين عن السوق المصرية، فى ظل عدم اتضاح الرؤية بشكل كامل، وترقب الانتخابات الرئاسية للتعرف على التوجهات الاقتصادية للحكومة المقبلة.
وتوقع البعض أن تشهد السوق المصرية وفود استثمارات عربية خلال الوقت الراهن لدعم الاقتصاد لحين انتهاء خارطة الطريق.
قال هشام توفيق، رئيس مجلس إدارة شركة عربية أون لاين، إن البورصة أبدت رد فعلها الإيجابى على الاستفتاء على الدستور من خلال صعود المؤشر وارتفاع أحجام التداول، مشيراً فى الوقت نفسه إلى أن تلك الموجة الصاعدة من المفترض ألا تستمر طويلاً فى ظل غياب الدعائم الاقتصادية التى تعززها.
وأوضح أن استمرار ارتفاع مؤشرات البورصة لفترة طويلة سيمثل إفراطاً فى التفاؤل قد يندم عليه كثيرون، فى حال عدم تنفيذ إصلاحات اقتصادية جوهرية على المدى المتوسط، وإدارة سياسية واعية، حيث إن السوق قد تعكس اتجاهها من جديد وتفقد المكاسب التى حققها خلال تلك الفترة.
وأكد توفيق أن الفترة الحالية لن تشهد استعادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الغائبة عن السوق منذ فترة طويلة، لافتاً إلى أن الاقتصاد المصرى يعانى ضعفاً شديداً، ويحتاج لقرارات صعبة وسريعة، فضلاً عن وضوح الرؤية تجاه مرشحى الرئاسة وأبرزهم الفريق أول عبدالفتاح السيسى، واختيار فريقه الاقتصادى حال رغبته فى خوض سباق الترشح للرئاسة.
أوضح شوكت المراغى، العضو المنتدب بشركة إتش سى لتداول الأوراق المالية، أن إحراز أى تقدم فى خارطة الطريق بدءًا من إقرار الدستور، مروراً بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، سيؤدى لنشاط السوق التى تتحرك بناءً على التوقعات المستقبلية.
وأكد المراغى أن التأثير الإيجابى للدستور ظهر بالفعل على مؤشرات البورصة، الأسبوع الماضى، متوقعاً أن يستمر تحرك السوق فى منحى صاعد خلال الفترة المقبلة.
فى الوقت نفسه رأى المراغى أن استعادة الاستثمارات المباشرة أمر مستبعد فى الوقت الراهن، موضحاً أنها تتطلب تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى فى المقام الأول.
وأضاف العضو المنتدب بشركة إتش سى لتداول الأوراق المالية، أن السوق المصرية بها فرص استثمارية جاذبة، كما أن هناك رغبة لدى المستثمرين فى ضخ استثمارات، لكنهم يترقبون وضوح الرؤية بشكل كامل.
فى السياق نفسه قال عمرو القاضى، خبير الاستثمار المباشر، إن الموافقة على الدستور المعدل لها انعكاسات إيجابية على البورصة ظهرت بالفعل مع بدء التصويت نهاية الأسبوع الماضى، مشيراً إلى أن السوق نجحت فى كسر حاجز الـ7000 نقطة، ومن المتوقع أن يستمر الاتجاه الصاعد بدعم من الانتهاء من كل استحقاق سياسى على حدة.
ورأى القاضى أن التخوف من اندلاع احتجاجات فى الذكرى الثالثة للثورة خلال 25 يناير المقبل قد يؤدى إلى تذبذب حركة المؤشر بين الارتفاع والهبوط، إلا أن الاتجاه العام سيظل صاعداً.
ورجح أن يبدأ المستثمرون العرب ضخ استثمارات مباشرة فى الاقتصاد المصرى فى الوقت الحالى، فضلاً عن استثمارات المصريين، إلا أنه توقع استمرار إحجام الأجانب لفترة أخرى من الوقت.
وأوضح خبير الاستثمار المباشر أن عودة الأجانب تتطلب إنهاء مزيد من الخطوات بخارطة الطريق السياسية، فضلاً عن وضوح الرؤية بشأن المرشحين لرئاسة الجمهورية، والمناصب التنفيذية بالدولة، وذلك فى سبيل التعرف على التوجهات الاقتصادية للسلطة المقبلة قبل ضخ أى استثمارات جديدة.
ولفت القاضى إلى أن المستثمرين وإن كانوا متفاوتين من حيث درجة التحفظ والاستعداد للمخاطرة، إلا أن الغالبية ستترقب وضوح الرؤية بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة، رغم أن إقرار الدستور يعد خطوة بناءة.
من جانبه قال محمد أبوباشا، محلل الاقتصاد الكلى بشركة المجموعة المالية «هيرمس»، إن التصويت على الدستور بـ«نعم» يعتبر خطوة مهمة وإيجابية جداً، لكن عودة الثقة للمستثمرين الأجانب بالسوق المحلية تتطلب استكمال مؤسسات الدولة كلها، وذلك بعد اتضاح الرؤية السياسية والاقتصادية.
وأكد أن الموافقة على الدستور كان شيئاً متوقعاً ومن ثم فلن تتغير التوقعات بالنسبة للمؤشرات الاقتصادية للربع الأول من العام الحالى، والتى بدأت فعلياً بالتحسن ابتداءً من شهر نوفمبر الماضى.
ورجح تحسن معدلات الاستثمار والإنفاق الاستهلاكى خلال الفترة المقبلة، علاوة على تحسن نسب إنفاق القطاع الخاص ولكن بشكل طفيف، خاصة بعد حزمة التحفيز التى ضختها الحكومة والمتوقع ظهور آثارها مع نهاية الربع الأول من العام الحالى.
واتفق مع الرأى السابق محب ملك، محلل اقتصاد كلى بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، موضحاً أن التصويت بـ«نعم» على الدستور يؤكد التوقعات الإيجابية للاقتصاد، والتى ظهرت بالصعود القوى الذى سجلته البورصة خلال الأسبوع الماضى.
وقال إن إيجابيات الدستور تتلخص فى عاملين، الأول يتعلق بصلة مواد الدستور نفسها بالاقتصاد، حيث يفرض الدستور الجديد رفع نسب الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمى، الأمر الذى سينعكس على رفع الأعباء على الميزانية العامة للدولة مما سيترتب عليه اتجاه الحكومة لإيجاد حلول بديلة لتمويل تلك الأعباء الإضافية، خاصة فى ظل العجز الكبير فى الموازنة ومن ثم ستتجه الحكومة لتطبيق خطة إعادة هيكلة الدعم.
أما العنصر الثانى، وفقاً لـ«ملك»، فيكمن فى ترسيخ الثقة باستكمال خارطة الطريق وبأن الحكومة ملتزمة باستكمال ما أعلنته، الأمر الذى له أثر كبير على استعادة الثقة فى المناخ الاستثمارى، وينعكس بدوره على رفع الاستثمارات الأجنبية.
وتوقع أن يشهد الربع الأول من العام الحالى نمواً بمعدلات الانفاق الاستهلاكى بنسبة %3 مقارنة بنظيره من العام الماضى، وذلك نظراً لتمرير الدستور فضلاً عن بدء تطبيق الحد الأدنى للأجور خلال الشهر الحالى، مشيراً إلى هذه النسبة التى ترتفع على نسب نمو الانفاق الاستهلاكى فى الربعين الماضيين، حيث سجل الربع الثالث من 2013 ارتفاعاً بنسبة %0.5 فقط.
كما توقع نمو معدلات الاستثمارات خلال الربع الحالى بنسبة %6.
ورأى محلل الاقتصاد الكلى بشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، أن القوى المعارضة للدستور إذا استمرت بشكلها الحالى لن تكون مؤثرة بشكل كبير على المؤشرات الاقتصادية، خاصة أن المستثمرين أصبحوا واعين، لأن أعمال المعارضة فى الشارع لا تؤثر بشكل كبير على السوق.
وأشار إلى أنه من المرجح أن تتجه الحكومة المصرية لاستئناف محاولات الحصول على قرض صندوق النقد الدولى بنهاية العام الحالى، وذلك لعدة أسباب يأتى فى مقدمتها عدم إمكانية استمرار المنح من الدول العربية، خاصة أن آخر حزمة مساعدات جاء فى صورة ودائع وقروض وليست منحاً، كما أن الكويت انسحبت من خطة تقديم المساعدات للسوق المصرية، ومن ثم ستلجأ الحكومة لإيجاد مصادر تمويل بديلة من صندوق النقد، الأمر الذى سيساهم فى استعادة الثقة فى السوق المصرية وبالتالى فى عودة الاستثمارات الأجنبية.
وقال أيمن أبوهند، نائب المدير التنفيذى لـ«كارتيل كابيتال» للاستثمار المباشر، إن تمرير عملية الاستفتاء على الدستور بهذه النتائج يدلل بقوة على نظام قادر على العمل فى مصر، وهو ما كان يفتقده المستثمرون والمؤسسات المالية العالمية فى مراقبتها للأوضاع المتغيرة بالسوق المحلية على مدار السنوات الثلاث الماضية.
وأوضح أن إعلان نتائج التصويت على الدستور يساعد المستثمرين المهتمين باختراق السوق المحلية على بدء خطواتهم الفعلية لبدء الاستثمار عبر البحث عن الفرص الواعدة والتى ظهرت بقوة فى أعقاب 3 سنوات من الركود والتأرجح بين الصعود والهبوط.
واعتبر البورصة بمثابة البوابة المهمة لتدفق الاستثمارات الأجنبية داخل البلاد خلال المرحلة المقبلة فى ظل سهولة الدخول والخروج منها، بالإضافة إلى التوجه الحقيقى والملموس من جانب الجهات الرقابية والمنظمة لسوق المال فى ادخال بعض التعديلات والتغييرات الهيكلية فى القواعد المطبقة بالبورصة بهدف جذب مزيد من المستثمرين والشركات.
وتوقع أن يبدأ الدخول الفعلى لرؤوس الأموال غير العربية للسوق المحلية خلال النصف الثانى من العام الحالى بعد الانتهاء بالكامل من كل الاستحقاقات الانتخابية وأهمها تشكيل برلمان منتخب ورئيس جديد، وهو المعيار الذى يستند إليه المستثمرون الأجانب عند الدخول لمصر وبدء ضخ استثمارات جديدة.
وأضاف أن الاستثمارات العربية وخاصة من منطقة الخليج تتفهم الأوضاع التى تشهدها مصر فى ظل التقارب الثقافى والتاريخى فى المنطقة، وهو ما يقلل الربط بين دخول الاستثمارات العربية وتدهور الأوضاع السياسية.
وقلل أبوهند من تخوفات رؤوس الأموال العربية والأجنبية من تزايد ضغوط قوى المعارضة للأوضاع السياسية الحالية فى البلاد ومحاولة إسقاط الدستور الجديد، مضيفاً أن النتائج أثبتت للجميع الرغبة الحقيقية التى يريدها الشعب وقدرته على حماية الشرعية الجديدة بالتزامن مع انحسار حجم التحديات الأمنية، الخاصة بالجماعات الإسلامية والرافضة للدستور والنظام الجديد.
ولخص 3 تحديات رئيسية أمام الحكومة فى الفترة المقبلة، الأول خاص بالسياسة النقدية والذى يتعلق بإلزام البنوك بخفض أسعار الفائدة والعودة للدور التمويلى فى توفير القروض للشركات والمشروعات العاملة فى البلاد، فى حين يتعلق التحدى الثانى بالسياسات المالية والخاصة بالإجابة عن تساؤلات مهمة عن طبيعة الضرائب التى ستطلبها الدولة، ومدى نية الحكومة فى طرح مشروعات عملاقة فى البلاد أمام القطاع الخاص.
وتطرق إلى التحدى الأخير والمتعلق بالطبيعة الاستثمارية فى البلاد والتعريف بالامتيازات والتسهيلات التى ستقدمها الدولة للقطاع الخاص، مشدداً على أن كل المؤسسات الاستثمارية تراقب عن كثب مستقبل تطورات هذه التحديات وكيفية تعامل الحكومات المقبلة معها، لافتاً فى الوقت نفسه إلى تخوف المستثمرين الأجانب من التعامل مع حكومة الببلاوى باعتبارها «مؤقتة».
ودعا نائب المدير التنفيذى، لـ«كارتيل كابيتال» للاستثمار المباشر، الإدارة الحالية للبلاد لعدم الاستعجال وتقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية، والتى قد ينتج عنها وجود رئيس مطلق الصلاحيات وهو ما يتخوف منه الأجانب حال حدوثه فى مصر، موضحاً أنه من الأولى انتخاب برلمان شرعى قبل حضور الرئيس الجديد لخلق نوع من التوازن بين السلطات.