إشارات‮ »‬المرگزي‮« ‬قادت القطاع للتگيف مع سياساته

إشارات‮ »‬المرگزي‮« ‬قادت القطاع للتگيف مع سياساته
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأربعاء, 1 يوليو 09

محمد كمال الدين
 
ربما كان الأسبوع الماضي هو الأكثر ارتباكا داخل بنوك القطاع المصرفي فيما يتعلق بتسعير الفائدة بجميع البنوك بخلاف البنوك العامة الثلاثة »الأهلي«، »مصر« و»القاهرة«، هذا الارتباك ظهر بوضوح داخل البنوك الأجنبية والخاصة التي فوجئت بقرار البنك الأهلي الأول من نوعه من حيث السير في اتجاه يخالف مؤشر سعر الإيداع والخصم لدي البنك المركزي »الكوريدور« وتثبيت الفائدة علي ودائعه الأضخم بالسوق »حفاظا علي مصالح مودعيه« وفق تصريحات طارق عامر رئيس البنك.

 

 
 كمال سرور

ورغم النفي الرسمي لوجود ضغوط من جانب البنك المركزي علي البنوك العامة لتثبيت أسعار الفائدة علي ودائعها، فإن البعض اعتبر ذلك نتاج اتفاق بين إدارات البنوك العامة الثلاثة من جانب، والبنك المركزي من جانب آخر، وهو أمر لا يمكن إثباته باعتبار أنه مخالف لضوابط العمل المصرفي الحر وفقا لقانون البنوك الذي لا يلزم أي بنك داخل القطاع بتحديد أسعار فائدة لديه، في حين أن البعض الآخر رأي أن البنوك الثلاثة صاحبة الأكثرية من الحصص السوقية للنشاط المصرفي من حيث الودائع وحجم النشاط هي بنوك مملوكة للدولة ومسئولة عن التوافق مع السياسات المالية والاقتصادية التي تستهدفها الدولة بما يتناسب مع تحديات النمو التي فرضتها الأزمة المالية العالمية.
 
الدكتور كمال سرور الخبير الاقتصادي والمصرفي نفي شبهة عدم الشفافية في تعامل البنوك العامة مع التسعير الأخير الذي أجراه البنك المركزي علي فائدة الودائع والإقراض لديه، موضحا أن البنوك العامة تعاملت بحرفية مع الخفض الأخير لأسعار الفائدة.
 
وأشار إلي أن البنوك العامة كان عليها المحافظة علي الحصيلة الضخمة التي تسيطر عليها من ودائع القطاع المصرفي، ليس فقط دفاعا عن مصالح صغار المودعين، وإنما خشية هروب جزء من صغار المودعين بودائعهم إلي مصادر ذات عوائد أعلي قد تكون عالية المخاطر، في الوقت الذي تعتمد فيه الدولة »بشكل رئيسي« علي ودائع تلك البنوك في تمويل خططها الاقتصادية من مشروعات وعمليات تنمية والإيفاء بالتزامات الحكومة وفق قوله.
 
سرور لفت الانتباه إلي التصريحات الأخيرة للدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء التي دعا فيها إلي ضرورة المحافظة علي معدل متنامي للادخار من الناتج القومي علي الرغم من تراكم السيولة بالقطاع المصرفي فإن معدل الادخار لا يتجاوز نسبة الـ %14 من الناتج القومي، في الوقت الذي تصل فيه تلك النسبة إلي %30 في الدول المشابهة للسوق المحلية اقتصاديا، مضيفا أن هناك تحديات متضاربة للسياسة النقدية للدولة حاليا ما بين ضرورة خفض تكلفة الائتمان وعدم السماح بالانتقاص من حجم الادخار وفقدان جاذبية الإيداع بالبنوك وهو ما قد يعرّض الحكومة لمخاطر السيولة، كما لفت الخبير المصرفي إلي أن الحكومة بدورها مازالت هي المستفيد من تدني أسعار الفائدة علي القروض باعتبارها المقترض الأكبر بالسوق قائلا »خفض %2 من أسعار الفائدة يوفر %20 من تكاليف اقتراض الحكومة«.
 
وتابع سرور مشيرا إلي ما سماه »التعليمات الأدبية للبنك المركزي«، موضحا أن المركزي لا يملك سلطة إجبار البنوك علي تسعير الفائدة لديها وفقا لقانون البنوك والائتمان الذي يعطي للبنوك الحق في حرية التعامل مع أسعار الفائدة طبقاً لرؤية وسياسة كل بنك، في حين أن البنك المركزي عندما يقرر خفض أسعار الفائدة لديه فالمعروف أنه يرغب في خفض تكلفة الائتمان وليس خفض العائد علي ودائع المودعين بالقطاع المصرفي، خاصة أن استجابة معظم البنوك الأجنبية والخاصة بالسوق للتوجه القومي نحو خفض تكلفة الائتمان »لم تكن بالقدر الذي يستهدفه البنك المركزي« وفق قوله.
 
أما عبد الرحمن بركة، سكرتير اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب العضو المنتدب السابق لبنك »بلوم – مصر« فقال إنه لا أحد يستطيع اتهام الجهاز المصرفي بالإضرار بمصالح البنوك الخاصة والمستثمرين الأجانب بالسوق، مشيرا إلي أن البنوك العامة »حرة في تسعير الفائدة« باعتبار أنها تعمل في إطار سوق مصرفية حرة من حيث سعر الصرف وأسعار الفائدة، وبالتالي فمن حقها تثبيت أسعار الفائدة علي ودائع عملائها كما للبنوك الخاصة والأجنبية ذات الحق في خفض أو رفع تلك الأسعار وفقا لرؤيتها.
 
وأضاف أن البنك المركزي ومنذ بداية العام الحالي عندما بدأ في اتخاذ قرارات متتالية بخفض أسعار الفائدة داخل السوق كان لا يهدف إلي شئ سوي تشجيع الاستثمار وخفض تكلفة الحصول علي الأموال وهو ما لم ينعكس بشكل مباشر علي حجم الائتمان الخارج من البنوك.
 
وأضاف بركة أن البنوك التي تري ضررا في اتخاذ نظيرتها العامة قرار تثبيت أسعار الفائدة علي ودائع عملائها عليها هي الأخري أن تبحث عن وسائل ذات عائد حقيقي لودائعها بدلا من الاكتفاء بالأرباح التي تحققها من وراء الهامش الكبير لديها بين سعر العائد علي الإيداع والإقراض، موضحا أن الكيانات المصرفية التي تعرف كيف تعظم عوائدها لا يعنيها مدي انخفاض أسعار الفائدة بالسوق طالما أن لديها أوجهاً عديدة لتوظيف السيولة داخلها، مشددا بدوره علي أن السوق المصرفية المحلية »حرة وعلي إدارات البنوك احترام طبيعة المنافسة«، لافتاً إلي أن مكون عنصر الفائدة في أرباح البنوك ليس وحده مصدر ربحيتها.
 
بينما رأي محمد مدبولي الرئيس السابق لمجلس إدارة البنك الأهلي سوستيه جنرال أن البنوك العامة هي بنوك مملوكة للدولة وممولة لخططها بشكل صريح وبالتالي فهي لن تسمح بما سماه »طرد العملاء« إذا ما استمرت في خفض أسعار الفائدة علي ودائعها، حيث يعتبر مدبولي استمرارية جاذبية البنوك العامة بمثابة »أمن قومي« وفق وصفه.
 
ولفت مدبولي إلي أنه في بداية التسعينيات من القرن الماضي عاني القطاع المصرفي من أزمة هروب السيولة من البنوك إلي شركات توظيف الأموال بسبب انخفاض العائد علي مدخرات المودعين وهو ما لن تسمح به الدولة مرة أخري، حتي وإن كانت تكلفة هذا السلوك انتقاصا من الأرباح التي تحققها البنوك العامة، وأشار إلي أن تلك الأرباح في النهاية تعود للدولة باعتبارها المالك الرسمي لتلك البنوك.
 
واستبعد مدبولي أن تكون بقية البنوك الخاصة والأجنبية بالسوق تضررت من الإجراء الأخير للبنوك العامة بتثبيت أسعار الفائدة علي ودائعها، موضحا أن البنوك الجادة تستطيع أن تستفيد من خفض أسعار الفائدة علي ودائعها دون أن تفقد عملائها لصالح »العامة« باعتبار أن تلك البنوك عندما تخفض تكلفة الإيداع لديها ستكون لديها مساحة أكثر حرية في توظيف تلك الودائع بتكلفة أقل من خلال التوسع في منح الائتمان غير المكلف لعملائها وعن طريق المنتجات المصرفية التي تبتكرها وتستطيع من خلالها »مغازلة العملاء« وفق وصفه.
 
وكان الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء عقد اجتماعاً مؤخرا بالمجموعة الوزارية الاقتصادية بحضور الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي لمناقشة سبل تعظيم معدل الادخار بالسوق وسبل الاستفادة المثلي منها، وفي إطار مواز أحجمت البنوك العامة الثلاثة بالسوق لأول مرة عن التوافق مع قرار البنك المركزي الاخير بخفض أسعار العائد علي الإيداع والإقراض لديه واكتفت بتخفيض العائد علي الائتمان فقط.
 

جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأربعاء, 1 يوليو 09