الخطوات الإصلاحية المتدرجة التي قامت وزارة المالية علي مدار عامين ماضيين اسهمت وفقا لتأكيدات المراقبين في تنشيط السوق المصرية وتسهيل حركة التجارة البينية، وتصدرت القائمة الإصلاح الجمركي الذي انخفض بزمن الإفراج عن البضائع إلي 6 ساعات في بعض الأحوال، بالإضافة إلي تطبيق النظم الحديثة، غير أن وزارة المالية اكتشفت أنه علي الرغم من توالي عمليات الإصلاح التي قامت بها فإن بعض الأهداف المرجوة منها لم تتحقق بالكامل، بينما أفرزت كثيراً من التشوهات الجمركية مما أعاق تطوير بعض الصناعات وأسهم في إضعاف قدرتها التنافسية بدلاً من تعظيمها سواء في الأسواق المحلية أو الأسواق العالمية.
من هنا نشأت الضغوط والمطالب التي دفعت وزارة المالية إلي إعداد مشروع قانون جديد للجمارك يستهدف تفادي تضارب أو تعارض النصوص المختلفة وينظم حركة دخول وخروج البضائع بصورة تتماشي مع أهداف الحكومة الرامية إلي تنشيط الصناعة المحلية.
ورغم تأكيد بعض الخبراء أن سوق السيارات المصرية قد شهدت تقلبات عنيفة فور بدء عملية الإصلاح الجمركي، فإنهم يعتبرون إعداد مشروع قانون جديد للجمارك خطوة جيدة تفتح الباب أمام تنشيط السوق وتتفادي التشوهات التي أسفرت عنها خطوات الإصلاح السابقة.
في هذا الإطار، يقول محمد سالم، رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب رئيس مصلحة الجمارك إن قانون الجمارك الجديد سوف يقلص زمن الإفراج عن السلع ويفتح الباب أمام تحويل المنافذ الجمركية إلي نقاط مرور، بما يؤدي إلي السماح بمرور البضائع دون كشف أو معاينة، وذلك استنادا إلي سابق الخبرة وسجل المعاملات الخاص بالمستورد.
وأشار إلي انتهاء مصلحة الجمارك من إعداد مشروع قانون جديد للجمارك يجمع حزمة من القواعد والنظم المستحدثة والمطورة تشمل عدة مواد لتنظيم حركة دخول وخروج السلع والبضائع من المنافذ الجمركية المصرية، في إطار خطة وزارة المالية لتطبيق أساليب حديثة تقضي علي تضارب النصوص القانونية ويسهم في توحيد تفسيرات القانون.
وأوضح أن مشروع القانون الجديد للجمارك يستهدف تيسير حركة التجارة وضمان خروج ودخول البضائع بسهولة في أسرع وقت، بالإضافة إلي وضع قواعد صارمة لحماية الأسواق الداخلية من أنشطة التهريب.
كما يسمح القانون الجديد بدخول البضائع علي مسئولية مالكها بدون كشف أو معاينة اعتمادا علي مستندات التوريد التي يقدمها إلي مسئولي الجمرك فضلا عن أنه يعطي الحق للمستورد في أن يقيم الرسوم الجمركية المستحقة علي بضائعه وذلك علي غرار الإقرار الضريبي الذي يقدمه لمأمورية الضرائب العامة.
في هذا السياق، يؤكد رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب رئيس المصلحة أن مشروع القانون المقترح للجمارك سوف يجيز للمستورد أن يتقدم بقائمة الشحن وكافة المستندات المطلوبة للإفراج إلي موظفي مصلحة الجمارك قبل وصول البضائع إلي ميناء الوصول «الموقع الجمركي» بما يفتح الباب أمام إمكانية الإفراج عن البضائع في أقل وقت ممكن، من خلال تطبيق وسائل تكنولوجيا حديثة تسهل عملية تبادل وقبول المستندات والمعلومات بين مصلحة الجمارك والمستورد.
كما يستهدف مشروع قانون الجمارك الجديد توحيد التفسيرات الخاصة بالنصوص القانونية فضلا عن تخصيص باب لحماية وتنظيم حقوق الملكية الفكرية، وتطبيق نظم «إدارة المخاطر» و«المراجعة اللاحقة» و«نظام الإفراج المسبق».
وأضاف سالم أن القانون الجديد خصص بابا مستقلا للإعفاءات الجمركية، وتحديد الأعمال التي تندرج في عداد المخالفة أو الجنحة تماشيا مع مبدأ الشفافية، بالإضافة إلي احتوائه علي نص يجيز تقسيط الضريبة الجمركية.
في حين يري علي توفيق، رئيس رابطة الصناعات المغذية للسيارات، أن أجازة القانون الجديد للجمارك بصورته المقترحة سوف ينعكس إيجابيا علي صناعة السيارات إذ ينخفض بتكلفة الإنتاج بنسبة تتراوح بين %5 و %10 كما يساهم في سرعة دوران الأموال مما سينشط حركة السوق المصرية للسيارات.
وفي رأيه أن المشروع المقترح للجمارك في مصر يجري تطبيقه بالفعل في بعض الدول العربية مثل تونس حيث حقق نجاحات كبيرة وأشار إلي عنصر الزمن الذي يهدر بالمنافذ الجمركية المحلية والذي يصل في بعض الحالات إلي 40 يوما يعد واحدا من أهم عناصر الإنتاج في العصر الحالي.
ورغم التسهيلات التي سيقدمها القانون المقترح للجمارك في مصر للمستثمرين بهدف تنشيط حركة التجارة ورفع معدلات التصنيع، فإن رئيس رابطة الصناعات المغذية للسيارات يؤكد أن فقدان الثقة بين الهيئات الحكومية والمتعاملين معها سوف ينعكس بصورة سلبية علي هذه الإصلاحات خلال الفترة القادمة ويعرب عن توقعاته بأن يتجه البعض إلي استغلال تلك التسهيلات بصورة سيئة من قبل مما يعني -من وجهة نظر- أنه يجب وضع ضوابط صارمة لضمان تطبيق القانون دون الإخلال بمصالح المتعاملين أو الإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد.