أسمنت العامرية تتجه للاقتراض في مواجهة انخفاض المبيعات وتراجع السيولة

أسمنت العامرية تتجه للاقتراض في مواجهة انخفاض المبيعات وتراجع السيولة
جريدة المال

المال - خاص

10:55 ص, الأحد, 27 يوليو 03

فريد عبداللطيف:
 
شهد قطاع الاسمنت في منتصف التسعينات طفرة قياسية حيث تصاعد الطلب بمعدل غير مسبوق قاده ازدهار انشطة المقاولات والاستثمار العقاري مع توجيه الدولة لشرائح متزايدة من انفاقها الاستثماري لتطوير البنية التحتية وبناء المدن العمرانية الجديدة. جاء ذلك متزامنا مع تبني الحكومة لبرنامج خصخصة طموح وهو ما اغري شركات الاسمنت العالمية بالدخول إلي السوق المصري علي الرغم من توقع بعضها ان ازدهار القطاع لن يستمر بنفس المعدل علي المدي القصير، إلا ان التخوف من تغيير استراتيجية الدولة فيما يتعلق ببرنامج الخصخصة حتم قيامهم بالصفقات التي تمت لرهانهم علي الجدوي الاقتصادية لتلك الاستثمارات علي المدي الطويل. وكانت المؤشرات الاقتصادية في مطلع عام 2000 قد اظهرت بدء الاقتصاد القومي في التراجع وهو ما ينعكس بالدرجة الأولي علي قطاع الاسمنت، وعلي الرغم من ذلك قامت شركة سيمبور البرتغالية في مارس 2000 بشراء %91 من اسهم اسمنت العامرية بعد معركة شرسة مع شركة الأهرام التي قامت الدولة بانشائها برءوس اموال شركات وبنوك حكومية خصيصا للاستحواذ علي العامرية في تضارب واضح مع أهداف برنامج الخصخصة وهو ما اثار انتقادات عنيفة أدت لتراجع قطاع الأعمال عن تمكين الاخيرة من الاستحواذ علي العامرية علي الرغم من انها تقدمت بعرض شراء بلغ 105 جنيهات للسهم في حين قامت سيمبور بشراء السهم علي سعر 91 جنيهاً. وشهدت الفترة اللاحقة لاستحواذ سيمبور علي العامرية اتجاه الاقتصاد القومي للتراجع مصحوبا بركود حاد في سوق العقارات وانحصار السيولة المتداولة وتأخر الدولة في سداد مستحقات الموردين الرئيسين لمشاريعها القومية، ونتج عن ذلك عدم نمو الطلب بمعدل يقابل الزيادة في العرض وهو ما أدي إلي اندلاع الحرب بين الشركات لتحرق الاسعار ويتراكم المخزون.

 
وكان عام 2002 قد شهد لاول مرة في الخمس سنوات الماضية تشغيل خطوط انتاج أسمنت العامرية باقل من كامل طاقتها، جاء ذلك بعد وصول الاسواق التي توجه لها مبيعاتها لمراحل قريبة من التشبع وعلي رأسها الساحل الشمالي، ويحتم هذا الوضع علي الشركة لكي تعود لتشغيل خطوطها بكامل طاقتها الانتاجية فتح الاسواق الخارجية امام منتجاتها وهو الامر الذي لم تعطه اولوية في الاعوام الماضية حيث اقتصرت مبيعاتها بالكامل علي السوق المحلي.
 
وكانت ارباح الشركة قد تراجعت علي مدار الثلاث سنوات الماضية ليشهد عام 2002 ذروة هذا التراجع حيث انخفض صافي ربح المبيعات بنسبة %60 مسجلا 53.918 مليون جنيه مقابل 134.564 مليون جنيه في عام 2001. جاء ذلك بعد هبوط صافي المبيعات بنسبة %19.6 مسجلا 325.380 مليون جنيه مقابل 404.644 مليون جنيه في عام 2001، كما تدهور هامش ربح المبيعات مسجلا %16.6 مقابل %33.2 في عام 2001.
 
وجاء تراجع هامش الربح بعد هبوط معدل تشغيل الطاقة الانتاجية وهو ما ادي لتصاعد تكلفة الطن خصوصا ان صناعة الاسمنت تتميز برافعة تشغيلية مرتفعة تجعل التكلفة الثابتة في غاية الارتفاع مما يحتم تشغيل خطوط الانتاج بكامل طاقتها الانتاجية للوصول للربحية. وجاء تراجع معدل تشغيل الطاقة الانتاجية متزامنا مع انخفاض متوسط سعر بيع الطن من 164 جنيهاً في عام 2001 إلي 148 جنيهاً في العام الاخير. وكانت الشركة قد قامت بالنزول بحجم انتاجها للحد من تراكم المخزون، وعلي الرغم من ذلك فقد فشلت في تحقيق المبيعات المستهدفة حيث بلغ الانتاج في العام الماضي 2.201 مليون طن في حين بلغ المستهدف 2.511 مليون طن وبلغت المبيعات 325.075 مليون جنيه في حين بلغ المستهدف 407.141 مليون جنيه. وحد من تراجع الأرباح قيام الشركة بتقليل حجم المخصصات المبنية حيث بلغت 6.493 مليون جنيه مقابل 33.155 مليون جنيه في عام 2001.
 
جاء ذلك بعد ان حدت الشركة من المخصصات الموجهة للمطالبات المحتملة بالاضافة إلي مخصص تعويضات العاملين. وبلغ اجمالي رصيد المخصصات في ديسمبر الماضي 58.781 مليون جنيه مقابل 128 .602مليون جنيه في ديسمبر 2001 وبلغت المخصصات التي انتفي الغرض منها 21.688 مليون جنيه منها 18 مليون جنيه من بند مكافحة التلوث، وكانت المخصصات التي انتفي الغرض منها قد بلغت 49.956 مليون جنيه في عام 2001. كما حد من تراجع الارباح هبوط تكلفة برنامج المعاش المبكر حيث بلغت المصروفات من هذا البند 7.262 مليون جنيه مقابل 62.568 مليون جنيه في عام 2001.
 
وتراجعت ايرادات الشركة من الفوائد مسجلة 6.065 مليون جنيه مقابل 24.107 مليون جنيه في عام 2001. جاء ذلك بعد ان تراجعت النقدية والحسابات الجارية والودائع لدي البنوك مسجلة 3.445 مليون جنيه مقابل   148.220 مليون جنيه في ديسمبر 2001 وجاء التراجع الحاد في مستوي السيولة استمرارا للاتجاه العام في الثلاث سنوات الماضية حيث كانت النقدية بالصندوق ولدي البنوك قد تراجعت في عام 2001 بمقدار 255.012 مليون جنيه. ودفع النقص الحاد في السيولة الشركة إلي اللجوء للاقتراض حيث قامت في مطلع عام 2002 بالحصول علي قرض بقيمة 130 مليون جنيه من البنك التجاري الدولي ليبلغ اجمالي القروض طويلة الاجل 141.933 مليون جنيه في حين بلغ الجزء المتداول 10.676 مليون جنيه مستحقاً لبنك الاستثمار القومي، ولم تبدأ الشركة بعد في سداد القرض الخاص بالتجاري الدولي والذي سينعكس البدء في سداده علي المصروفات التمويلية وهو ما سيشكل بدوره المزيد من الضغط علي هامش الربح المتدهور بالفعل. وكانت المصروفات التمويلية قد بلغت في العام الماضي 6.439 مليون جنيه مقابل 5.265 مليون جنيه في عام 2001. وجاء القرض الاخير ليصعد من الرافعة التمويلية حيث بلغت القروض إلي حقوق المساهمين 0.43 مرة مقابل 0.08 مرة في ديسمبر 2001، أي ان كل جنيه من القروض يغطيه 2.3 جنيه من حقوق المساهمين بعد ان كان كل جنيه من القروض مغطي بـ  11.8 جنيه من حقوق المساهمين في ديسمبر 2001.
 
وسوف تستفيد العامرية علي المدي القصير من الاتفاق الذي توصلت إليه شركات الاسمنت في مارس الماضي بتقسيم الحصص السوقية وهو ما أدي إلي عودة أسعار الاسمنت إلي مستوياتها الطبيعية حول 185 جنيها للطن بعد ان كانت قد وصلت إلي  110 جنيهات للطن في العام الماضي في المقابل فان الشركة سوف تواجه تحدياً كبيراً يفرضه فشلها في الخروج بمبيعاتها للاسواق الخارجية، ويعد فتح الاسواق الخارجية خياراً استراتيجياً لا بديل عنه لتتمكن الشركة من إدارة خطوط انتاجها بكامل طاقتها الانتاجية وهو الامر الحيوي لتفادي ارتفاع تكلفة الطن. وسوف يساعد الشركة علي فتح الاسواق الخارجية في الفترة القادمة استغلال القدرات التسويقية لسيمبور البرتغالية التي تتمتع بخبرة واسعة في هذا المجال. ويعطي الشركة دفعة في هذا المجال حصولها علي شهادة الايزو 9002 والايزو 14001 والتي يشترطها العديد من الدول لاستقبال السلع.
جريدة المال

المال - خاص

10:55 ص, الأحد, 27 يوليو 03