نهر الحب.. دعاء الكروان.. الحب الضائع.. اللص والكلاب.. أسماء لأفلام ارتبطت في أذهاننا بزمن السينما الجميلة التي كانت كذلك في كل مفرداتها حتي في أسماء الأفلام، أما الآن فقد ظهرت علينا أسماء لأفلام يتدخل فيها كل من له علاقة بالفيلم حتي الموزعون وتلعب علي أوتار عديدة والهدف منها بث الغرابة والإندهاش لدي الجمهور لدفعه إلي قطع تذكرة دخول السينما.
لم تبدأ موجة الأسماء الغريبة هذا الموسم فقط وأن حمي وطيس هذه الظاهرة في الموسم الحالي باختيار أسماء من المخزون الشعبي من قبيل فيلم هندي، أوعي وشك، اللي بالي بالك، وهي أسماء مما لا شك فيه يستهدف صناع الأفلام من ورائها جذب الجمهور وهو أمر طبيعي في ضوء كون السينما صناعة تهدف إلي الربح، إلا أن هذا الأمر لم يرق لكاتب السيناريو والمنتج السينمائي ممدوح الليثي رئيس جهاز السينما حيث علق عليه بجملة وحيدة قائلاً: إنه يدل علي العشوائية التي أصابت صناعة السينما!
أما د. رفيق الصبَّان الناقد السينمائي والأستاذ بأكاديمية الفنون فيبدي اندهاشه من هذه المعاني التي تدل عليها الأسماء الغريبة التي أطلقت علي أسماء أفلام الموسم السينمائي الحالي وتشدد في رأيه مؤكداً أنها تأتي في إطار محاولة لإفساد ذوق الجمهور ففي أسوأ مراحل السينما المصرية أثناء الحرب لم تخرج علينا أسماء لأفلام بمثل هذا القبح، ولكن من المؤكد أنهم يخاطبون بها الجمهور الذي يمثل الشريحة الدنيا من المجتمع فأغلب الاعتبارات التي يتم اختيار الأسماء بناءً عليها اعتبارات تجارية وما يدلل علي ذلك مشاركة الموزع الرأي في اختيار اسم الفيلم، فالأصل أن المنتج والمخرج فقط يتوليان اختيار اسم الفيلم الذي يقومان عليه، إلا أنه حالياً بدأ الموزع يتدخل في أسماء الأفلام ويدلي برأيه فيها وما إذا كانت يمكن لها أن تحقق توزيعاً عالياً أم لا.
أما بالنسبة لإيرادات هذا الموسم يري د رفيق الصبان أنها أصابها تراجع نسبي عن الموسم الماضي فقد حققت حتي الآن 45 مليون جنيه فقط وهي بهذا الشكل يمكن أن تصل بالكاد إلي ما تحقق الموسم الماضي إلا أنه في نفس الوقت لا يمكن إغفال أن الموسم الحالي دخلت حوالي 22 دار عرض جديدة الخدمة وهو ما يفرض زيادة الإيرادات عن الموسم الماضي بحوالي %25.
أما بالنسبة لصناع أفلام هذا الموسم يؤكد المنتج السينمائي محمد السبكي ــ له فيلمان هذا الموسم كلم ماما وبحبك وأنا كمان ــ أن أسماء الأفلام لم تخرج عن الموضوعات والأفكار التي تتناولها مبدياً استغرابه من الهجوم علي أسماء هذه الأفلام ويستشهد ببعض أسماء الأفلام القديمة مثل «أبو حلموس» ويري السبكي أن وجود أهداف تجارية خلف اختيار أسماء الأفلام أمر لا يعيب القائمين عليها لأن السينما بالإضافة إلي كونها فناً، فهي صناعة وتجارة تقوم علي الربح والخسارة، فالمنتج يبحث عن الأساليب التي يمكن أن تجذب الجمهور إلي مشاهدة الفيلم، لذلك بدأت الأسماء حالياً تخرج من مصطلحات الجمهور اليومية لأن الفيلم موجه في الأساس إلي الجمهور وليس للنقاد.
من جهتها تري المنتجة السينمائية ناهد فريد شوقي أن أسماء الأفلام مهما تدني مستواها ولغة الخطاب التي تحتويها فهي لا تخرج عن موضوع الفيلم وغالباً ما تدل عليه وبالتالي لا وجه للغرابة من هذه الأسماء، فقديماً حمل فيلم لعلي الكسار اسم «سلفني 3 جنيه» وإذا كان هذا الاسم بالذات يدل علي لازمة يقوم عليها الفيلم فأسماء أفلام هذه الأيام أيضا تدل علي موضوعاتها أما بالنسبة لتدخل الموزعين في اختيارها فهو أمر غير مقبول لأن هذا الأمر قاصر ــ في العادة ــ علي المنتج والمخرج أما الموزع فقد يقبل أو يرفض الفيلم برمته ــ لكونه أحد ممولي الفيلم.
فاروق صبري نائب رئيس غرفة صناعة السينما والموزع السينمائي يري أن اسم الفيلم مهم جداً في تحقيقه لإيرادات القطفة الأولي التي تحدد اتجاهات ومؤشر إيراداته وهو ما حدث بالضبط مع فيلم «كلم ماما» وأيضا بالنسبة لـ «اللي بالي بالك» وإن تدخل في ارتفاع ايرادات الأخير عوامل اخري منها مروره بأزمة بسبب الاسم بعد اعتراض كاتب فيلم اللمبي الأولي علي تضمين اسم الفيلم هذا الاسم، وهو ما أدي لاختيار العديد من الأسماء منها سعيد لالا ونهاية بـ «اللي بالي بالك» وهو مصطلح شعبي يدل علي وجود مجهول معروف لبعض الناس، كما مر فيلم هندي بنفس الأمر حيث كان اسمه في البداية «شقة سيد» وانتهي بـ «فيلم هندي» وإن لم يحقق الايرادات المرجوة منه.
ويضيف صبري أن الأسماء أصبحت الآن أحد أهم أشكال الدعاية للفيلم والمنتج الفني عموماً وإن كانت أهم بالنسبة للأفلام سواء عن طريق اختيار القائمين علي الفيلم لأسماء يعلمون مسبقاً أنها ستتسبب في مشكلات مع الرقابة أو غيرها من الجهات «فيلم ولا في النية أبقي فلبينية» لأحمد آدم والذي اعترضت عليه سفارة الفلبيين في مصر وتحول إلي «ولا في النية أبقي» ليحظي الفيلم بذلك علي دعاية إعلامية بدون انفاق مليم واحد ومن ناحية أخري أصبحت في حد ذاتها أسلوبا دعائيا وتسويقيا جديدا لاستهداف شرائح معينة من الجمهور لإضافتها لجمهور السينما العادي، فقد تغيرت اهتمامات ومزاج الجمهور السينمائي نظرا لما نعيشه حاليا من تغيرات مجتمعية واقتصادية وبالتالي لجأ السينمائيون حالياً إلي الاعتماد علي لغة خطاب جديد تخرج من اللغة الشعبية التي يتحدثون بها تماماً كما فعل شعبان عبد الرحيم، يتوجهون بها لهذا الجمهور الذي يعد الشغل الشاغل لهم فلم تعد هناك أفلام يتم انتاجها لـ «التاريخ» كما يقولون إلا فيما ندر ويتصدي لانتاجها جهاز السينما كما فعل مع أفلام «أيام السادات وناصر 56» وأفلام يوسف شاهين كـ «المصير» فقد أصبح شباك التذاكر هو الهدف الأسمي خاصة بعد دخول العديد من خارج الوسط الفني مجال الانتاج السينمائي لمجرد استثمار أموالهم دون أدني اعتبار لكونه انتاجاً فنياً.