المرسي عزت – يوسف إبراهيم:
جاءت نتائج الدراسة التي أعلن عنها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، نهاية الأسبوع الماضي، حول عدم وجود ممارسات احتكارية من قبل الشركات المنتجة للحديد لتضفي مزيدا من الاثارة علي قضية حديد التسليح التي كانت ولاتزال تحظي اهتمام قطاع عريض من المستهلكين، أفرادا وشركات وتأتي أهمية الدراسة التي أعلن عن نتائجها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في أنها تنهي – ولو مؤقتا – حلقة من حلقات الصراع الدائر بين منتجي الحديد من جهة والمستهلكين من جهة أخري خاصة لما يمثله حديد التسليح من أهمية باعتباره من أهم مدخلات عمليات التشييد والبناء.
كان جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قد انتهي الأسبوع الماضي من دراسة ملف حديد التسليح ومدي اتباع الشركات المنتجة لأساليب منضبطة من عدمه، حيث اسفرت نتائج الدراسة عن أنه لم يثبت وجود اتفاقات أو تعاقدات بين الشركات العاملة في إنتاج حديد التسليح بالمخالفة للمادة »6« من قانون حماية المنافسة التي تنص علي أنه يحظر الاتفاق أو التعاقد بين أشخاص متنافسة في أي سوق معنية، إذا كان من شأنه رفع أو خفض أو تثبيت أسعار البيع أو الشراء للمنتجات محل التعامل.
كما نصت المادة »6« علي أنه يحظر اقتسام أسواق المنتجات أو تخصيصها علي أساس المناطق الجغرافية أو مراكز التوزيع أو نوعية العملاء أو السلع أو المواسم أو الفترات الزمنية.
وتطرقت المادة »6« كذلك إلي حظر التنسيق فيما يتعلق بالتقدم أو الامتناع عن الدخول في المناقصات أو المزايدات والممارسات وسائر عروض التوريد إلي جانب حظر تقييد عمليات التصنيع أو التوزيع أو التسويق أو الحد من توزيع الخدمات أو نوعها أو حجمها أو وضع شروط أو قيود علي توفيرها.
وجاءت نتائج الدراسة التي أعلن عنها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لتؤكد أن الشركات المنتجة لحديد التسليح في السوق المحلية لم تخالف المادة »6« السابق ذكرها.
وأشارت نتائج الدراسة إلي أنه لم يثبت وجود اتفاقات أو تعاقدات بين الشركات العاملة في إنتاج حديد التسليح التي لا تتمتع بالسيطرة وأي من مورديها أو عملائها بالمخالفة للمادة »7« من قانون حماية المنافسة.
وتحظر المادة »7« وفقا لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الاتفاق أو التعاقد بين الشخص وأي من مورديه أو من عملائه إذا كان من شأنه الحد من المنافسة.
كما تضمنت النتائج التي أشارت إليها الدراسة أنه لم يثبت وجود إساءة لاستخدام الوضع المسيطر لمجموعة »العز« أكبر المجموعات المنتجة لحديد التسليح بالمخالفة للمادة »8« من قانون حماية المنافسة.
وتنص المادة »8« من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية علي أنه يحظر علي من تكون له السيطرة علي سوق معينة القيام بعدة أمور أولها اتيان فعل من شأنه أن يؤدي إلي عدم التصنيع أو الإنتاج أو التوزيع لمنتج لفترة أو فترات محددة.
كما تنص المادة »8« علي أنه يحظر الامتناع عن ابرام صفقات بيع أو شراء منتج مع أي شخص أو وقف التعامل معه علي نحو يؤدي إلي الحد من حريته في دخول السوق أو الخروج منها في أي وقت.
وتتضمن المادة »8« حظر أي فعل من شأنه أن يؤدي إلي الاقتصار علي توزيع منتج دون غيره، علي أساس مناطق جغرافية أو مراكز توزيع أو عملاء أو مواسم أو فترات زمنية وذلك بين أشخاص ذوي علاقة رأسية.
كما نصت المادة »8« علي أنه يحظر تعليق أو إبرام عقد أو اتفاق بيع أو شراء لمنتج علي شرط قبول التزامات أو منتجات تكون بطبيعتها أو بموجب الاستخدام التجاري للمنتج غير مرتبطة به أو بمحل التعامل الأصلي أو الاتفاق.
وتطرقت المادة »8« إلي أنه يحظر التمييز بين بائعين أو مشترين تتشابه مراكزهم التجارية في أسعار البيع أو الشراء أو في شروط التعامل، إلي جانب حظر الامتناع عن إنتاج أو إتاحة منتج شحيح متي كان إنتاجه أو إتاحته ممكنة اقتصاديا.
ونصت المادة »8« علي أنه يحظر أن تشترط الشركة المنتجة علي المتعاملين معها ألا يتيحوا لشخص منافس له استخدام ما يحتاجه من مرافقهم وخدماتهم، رغم أن إتاحة هذا الاستخدام ممكن اقتصاديا.
وتضمنت المادة »8« حظر بيع منتجات بسعر يقل عن تكلفتها إلي جانب الزام مورد بعدم التعامل مع منافس.
من جانبهم توقع خبراء ومسئولون بشركات إنتاج حديد التسليح بأن يسهم قرار جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في دفع السوق نحو مزيد من الاستقرار في الفترة المقبلة خاصة مع دخول حديد مستورد للسوق المحلية.
وأوضح الخبراء أن نتائج دراسة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية جاءت لتؤكد ارتباط الشركات بالأسعار العالمية وعدم مسئوليتها عن زيادة الاسعار الخاصة بحديد التسليح والتي بلغت ذروتها خلال عام 2008 لتصل إلي مستوي 8 آلاف جنيه للطن.
قال جمال الجارحي رئيس مجلس إدارة شركة السويس ان الدراسة اثبتت عدم مسئولية الشركات عن الأوضاع التي شهدتها السوق في الفترة الماضية بشأن وجود طوابير علي المخازن لشراء الحديد أو ارتفاع السعر إلي 8 آلاف جنيه للطن، في بعض المناطق بسبب تلاعب التجار بالسعر، مشيرا إلي أن الشركات كانت تعلن أسعارها، وتقوم بابلاغ وزارة التجارة والصناعة بها كل شهر.
ونفي الجارحي إمكانية استغلال الشركات للقرار الصادر عن جهاز حماية المنافسة لبدء التلاعب بسعر الحديد في السوق المحلية والاتفاق علي احتكاره مؤكدا أن الشركات متنافسة مع بعضها ولا يمكن أن تأمن احداها للأخري في ظل ظروف السوق فكيف يحدث اتفاق فيما بينها؟!، فضلا عن أن لكل شركة كيان منفرد وتحدد السعر بناء علي تكلفة الإنتاج لديها وأسعار الطاقة والمواد الخام.
وتوقع أن تشهد السوق المحلية مزيدا من الاستقرار بسبب هذا القرار الذي يساعد علي تشجيع المستثمرين نحو التوجه لهذا القطاع.
من جانبه، رفض سمير نعمان رئيس القطاع التجاري بمجموعة عز الدخيلة لحديد التسليح التعليق قائلا إن القرار بمثابة حكم أثبت براءة الشركات من تهمة الاحتكار ولا يجوز التعقيب.
بينما أكدت مصادر بشركة الحديد والصلب المصرية التابعة للشركة القابضة المعدنية أن القرار جاء في توقيت مناسب تشهد فيه السوق هدوءا بالمقارنة بالفترة الماضية وهو ما يساعد علي استقرار سوق حديد التسليح في المستقبل القريب.
ولفتت المصادر إلي أن استمرار الآليات الحالية التي تلتزم الشركات بالإعلان عن الأسعار شهريا مع استمرار الرقابة من قبل قطاع التجارة الداخلية علي الشركات والتجار سيضمن عدم وجود أي ممارسات احتكارية تضر بالسوق في الفترة المقبلة.
وأشارت المصادر إلي ضرورة الاعتماد علي التنسيق بين التجار والمستهلكين من جهة، والشركات المنتجة من جهة أخري بما يحقق مصلحة السوق، ويضمن وصول الشحنات في موعدها المناسب دون أي تأخير.
أما محمد حنفي مدير غرفة الصناعات المعدنية، فأوضح أن قرار جهاز منع الممارسات الاحتارية معروف منذ 6 أشهر لكن لم يتم الإعلان عنه بسبب ظروف السوق السيئة في ذلك الوقت والتي كان فيها السعر مرتفعا، مشيرا إلي أن القرار أقر بالواقع الموجود في السوق وهو عدم ممارسة الشركات للاحتكار فأسعار الحديد انخفضت إلي النصف، مقارنة بشهر يوليو الماضي، حيث كان سعر الحديد يزيد علي 7 آلاف جنيه، وصل الآن إلي 3750 جنيها لحديد عز و3800 جنيه للطن للمصانع الأخري.
وعن تشجيع الاستثمارات في القطاع بعد صدور القرار قال حنفي إن ذلك ليس له علاقة بالاستثمارات لأن صناعة الحديد كثيفة الاستهلاك للطاقة والدولة تحدد الرخص المتاحة لإقامة المشروعات بناء علي الكميات المتاحة لديها من الطاقة، لافتا إلي أن امتلاك إحدي الشركات لنسبة تصل إلي %60 من حصة السوق لا يعني الاحتكار لأنه ليس هناك علاقة بين الملكية وممارسة الاحتكار ففي فرنسا هناك شركة تسيطر علي %80 من السوق، وفي لاتفيا توجد شركة واحدة تمتلك %100 وهذا لا يعني الاحتكار.
ونفي إمكانية استغلال الشركات للقرار لبدء التلاعب في السوق، لأنه في وجود الحديد المستورد لن يكون هناك داع لقيام الشركات بالاحتكار ورفع السعر وإلا سيلجأ المستهلك لشراء الحديد المستورد.
بينما طالب الخبير الاقتصادي عصام عباس عضو مجلس الشوري وعضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال بضرورة استمرار فتح باب الاستيراد للحديد حتي تتوازن السوق المحلي، مؤكدا أن انخفاض الاسعار عالميا بشكل كبير بعد تراجع أسعار البليت، جاء في صالح الشركات المنتجة لحديد التسليح محليا في تقرير جهاز حماية المنافسة ولذلك حصلت الشركات علي البراءة.
وأكد عبدالعزيز قاسم سكرتير الشعبة العامة لمواد البناء بالاتحاد العام للغرفة التجارية أن نتائج الدراسة التي أعلن عنها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لن تكون العامل المؤثر في انخفاض الأسعار أو ارتفاعها.
وأوضح قاسم أن العامل المؤثر هو العرض والطلب الذي يحدد عمليات الإنتاج والاستهلاك دون النظر إلي أي نتائج.
وأكد قاسم أن أسعار الحديد انخفضت بناء علي انخفاض أسعار البيليت عالميا، مشيرا إلي أنه في حال ارتفاع أسعاره فإن السوق المحلية لن تكون بمعزل عن تلك الارتفاعات.
وأوضح قاسم أن قرار المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة بإضافة مواصفات جديدة، لاستيراد الحديد إلي جانب المواصفة المصرية ساهم في إحداث توازن بأسعار المنتج بالسوق المحلية.
وكان المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة قد أصدر قرارا نهاية العام الماضي يقضي بالسماح باستيراد حديد التسليح المستخدم في الخرسانة طبقا للمواصفة القياسية الدولية ايزو »6935« لسنة 2007، أو طبقا للمواصفة القياسية لدول مجلس التعاون الخليجي أو طبقا للمواصفة القياسية المصرية رقم 262 لسنة 2000.
وأوضح جلال أبو الفتوح مستشار وزير المالية لشئون الجمارك أن عمليات استيراد الحديد تتم دون أدني مشاكل خاصة في حالة توافق المنتجات المستوردة مع المواصفات الموضوعة من قبل وزارة التجارة والصناعة.
وأكد أبو الفتوح أن الشحنات المستوردة من الحديد يتم الكشف عليها من قبل مختصين من الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات والهيئة العامة للمواصفات والجودة لتوفير أقصي درجات الأمن والسلامة اللازمين في عمليات البناء والتشييد.
وتعد دولتا اوكرانيا، وتركيا أبرز الدول المصدرة لحديد التسليح خاصة مع انخفاض أسعار الحديد بها مقارنة بباقي الأسواق.
يذكر أن الدراسة التي قام بها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية جاءت بناء علي طلب المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة بتاريخ 16 يوليو من عام 2006 لإعداد الدراسات والبحوث اللازمة فيما يتعلق بقطاع حديد التسليح في السوق المصرية باعتباره من المنتجات المهمة خاصة وأنه من المنتجات المهمة ولتي ترتبط بالعديد من الأنشطة الاقتصادية التي تتعلق بتطوير البنية التحتية والتشييد والبناء.
كان المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة قد طالب جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الكشف عن أي اتفاقات أو ممارسات ضارة بالمنافسة في قطاع حديد التسليح في ضوء الأحكام الواردة في قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 2005.
من جانبه انتهي جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية من إعداد دراسة متعمقة وكاملة عن سوق حديد التسليح منذ العمل بالقانون في عام 2005 وحتي نهاية عام 2006، فضلاً عن دراسة أوضاع صناعة الحديد منذ عام 2002 لفترة استرشادية.
وخلصت النتائج إلي أن هناك 20 شركة تعمل في مجال انتاج حديد التسليح مقسمة وفقا لمراحل الإنتاج إلي مصانع متكاملة وعددها مصنعان، ومصانع نصف متكاملة وعددها 3 مصانع إلي جانب 15 مصنعاً تعمل في إنتاج الحديد المدرفل.
وأكدت الدراسة أن سوق الحديد تتسم بالتركز الاقتصادي حيث تمثل الحصة السوقية لأكبر 4شركات %85 في عام 2006، %58 منها لمجموعة عز، و%16.89 لمجموعة بشاي و%5 لشركة مصر الوطنية للصلب و%5 لشركة بورسعيد الوطنية للصلب في حين أن باقي الشركات تعمل في الدرفلة وليس لها القدرة علي المنافسة لارتفاع تكلفة الإنتاج إلي جانب عدم تجاوز الحصة السوقية لأي منها عن %5.
وأشارت نتائج الدراسة إلي أن مجموعة شركات عز والتي تضم شركة العز لحديد التسليح، وشركة عز الدخيلة للصلب، وشركة الإسكندرية وشركة مصانع العز للدرفلة هي الشركة الوحيدة التي تتوافر لها عناصر السيطرة التي حددتها المادة »4« من قانون حماية المنافسة.
وأكدت الدراسة ارتفاع الطاقة الإنتاجية لسوق حديد التسليح في عام 2006 لتصل إلي 7 ملايين طن بزيادة %8.3 عن العام الماضي، إلي جانب ارتفاع الإنتاج الفعلي إلي 5.2 مليون طن بنسبة زيادة %34 عن عام 2005، إلا أنه رغم ذلك كانت هناك نسبة %25 من الطاقة الإنتاجية لسوق حديد التسليح الجزء الأكبر منها في شركات الدرفلة غير مستغلة ويمكن أن تؤدي حال استغلالها إلي زيادة كمية المعروض.
وأكدت الدراسة أن الزيادة في إنتاج عام 2006 وجهت إلي مبيعات التصدير حيث ارتفعت إلي 941 ألف طن مقابل 483 ألف في عام 2005 بنسبة زيادة %95، بينما ارتفعت المبيعات المحلية في عام 2006 بنسبة %2 نقط مقارنة بعام 2005.
أوضحت الدراسة ارتباط تكلفة إنتاج حديد التسليح بتكلفة البليت الذي يمثل العنصر الرئيسي لإنتاج حديد التسليح وفقا لبيانات عام 2006 يمثل البيليت %74 من التكلفة في المصانع المتكاملة و%85 من التكلفة في المصانع الشبه متكاملة و%92 من التكلفة في مصانع الدرفلة.
وأكدت الدراسة أنه نظراً لارتفاع تكلفة البيليت خلال فترة الدراسة، ارتفع متوسط تكلفة إنتاج طن حديد التسليح من 1231 جنيها عام 2002 إلي 2336 جنيهان في عام 2006 بنسبة زيادة تصل إلي %90 وهو ما أدي إلي ارتفاع متوسط طن حديد التسليح من 1338 جنيها في عام 2002 إلي 2573 جنيها في عام 2006 بنسبة زيادة %92.
وأشارت الدراسة إلي أن ارتفاع حديد التسليح يرجع في الأساس إلي ارتفاع التكلفة خاصة تكلفة استيراد البيليت، إلا أنه ليس العامل الوحيد بل هناك عوامل أخري أبرزها زيادة الطلب في تلك الفترة نتيجة للنمو الملحوظ لقطاع التشييد والبناء، مضيفة أن متوسط أسعار حديد التسليح في السوق المحلية علي مدار فترة الدراسة كانت أقل من السعر العالمي وهو ما أدي إلي عدم الاستيراد.
وتبني جهاز حماية المنافسة عدة توصيات لزيادة المنافسة في قطاع حديد التسليح أبرزها تشجيع الحكومة علي اقامة مصانع إنتاج، إلي جانب المتابع المستمرة للأسواق ومتابعة التعاملات بين الشركات المنتجة والموزعين من خلال تنظيم هذه التعاملات وذلك بعمل عقود مكتوبة أو فواتير ثابت بها الكمية المشتراه والقيمة المحددة لها وفقا لقرارات وزير التجارة والصناعة بهذا الشأن.