أسرار السوق السوداء للدولار في 15 سؤال وجواب

أسرار السوق السوداء للدولار في 15 سؤال وجواب

أسرار السوق السوداء للدولار في 15 سؤال وجواب
جريدة المال

المال - خاص

3:41 م, الثلاثاء, 20 أكتوبر 15

أماني زاهر 
عادت السوق السوداء للعملة إلى نشاطها مؤخراً بعد نجاحها فى إبتكار أدوات جديدة للتحايل والالتفاف على قيود البنك المركزى لمنع تداول العملة خارج الجهاز المصرفى والتى كان أبرزها الحد الأقصى للإيداع بالعملات الأجنبية المقدر بنحو 10 ألاف دولار يوميا و 50 الف شهريا.
وتحاول “المال” فى هذا التقرير الإجابة عن أهم الاسئلة المتعلقة بكيفية عمل السوق واللاعبين الرئيسيين بها وأضرارها على الاقتصاد والمواطن ؟ ومن المستفيد من استمرارها ؟ وما هي تحركات المركزي للقضاء عليها ؟  

1 – بداية ما هي السوق الموازية أو السوداء للعملة  ؟
هي سوق غير رسمية كونها تتم خارج القنوات الشرعية لتداول العملة المتمثلة في البنوك وشركات الصرافة المرخص لها والتى يجب عليها الالتزام بالأسعار المحددة من جانب البنك المركزي ، اذ يسمح الأخير لهذه الشركات بتداول الدولار بفارق 5 قروش عن أسعار البنوك ، فإذا كان السعر فى البنك 8.03 جنيه لبيع الدولار فإنه يكون 8.08 لدى شركات الصرافة  .
 وتنشأ السوق الموازية عادة عندما يوجد زيادة في حجم الطلب على العملات الاجنبية وسط ندرة في المعروض بالسوق الرسمية وتحديدا البنوك  ، وفيها يتم شراء الدولار بسعر أعلى 20 الى 25 قرش فى الغالب عن الأسعار الرسمية ،  وبالتأكيد كلما زاد الطلب ارتفعت الأسعار بصورة أكبر ، ويتواكب مع ذلك ارتفاع فى أسعار البيع للمستثمرين والمستوردين.

2- من هم اللاعبون الرئيسيون بتلك السوق ؟
 البائع والوسيط والمشترى ، فالأول قد يكون شخص عادى توفر لديه دولار عبر أقارب يعملون فى الخارج أو من خلال  عمله فى إحدى الشركات المتعددة الجنسية التى تمنح مرتبات بالعملة الأجنبية ، وقد يكون شخص اعتبارى ممثلاً فى إحدى الشركات التى يتوفر لها عملات أجنبية نتيجة القيام بتصدير إحدى منتجاتها للخارج او العمل فى المجال السياحى.
بينما يلعب دور الوسيط عدداً من مكاتب تدبير العملة ، بالإضافة للإفراد العاديين وهم فى الغالب ممثلون عن تلك المكاتب وينتشرون بالقرب من مقار شركات الصرافة.
بينما المشترى هو كل من يحتاج العملة الأجنبية ولا يستطيع تدبيرها عبر البنوك ، سواء أصحاب المصانع اللذين يقومون بشراء مواد خام من الخارج او المستثمر الجديد الذى يرغب فى تدشين مصنع وبحاجة لاستيراد بعض مكوناته ، بالإضافة لمستوردى السلع والبضائع ، وكذلك الأفراد اللذين تتعدد احتياجاتهم ما بين السفر والعلاج والتعليم والترفيه 

3- ما حجم التعاملات داخل تلك السوق ؟
يقدر هشام رامز محافظ البنك المركزي فى تصريحاته سابقة حجم تعاملات تلك السوق بنحو 35 مليار دولار سنوياً في حين ان إجمالي واردات مصر تبلغ 60 مليار دولار ، أى انها تتولى بمفردها تدبير نحو 50% من احتياجات العملة الأجنبية ، لكن هذه النسبة تراجعت بقوة عقب تطبيق قرار الحد الأقصى للإيداع بالدولار ، حسب تأكيد البنك المركزى ايضا ، لكن لا تتوفر أية بيانات حالية عن حجم تعاملات السوق.  

4 – هل دور شركات الصرافة تدبير عملات اجنبية بالملايين لتمويل المستوردين ؟
بالتأكيد لا ، لأن دور شركات الصرافة في أى  دولة في العالم  هو تحويل العملة للعملاء الأفراد لاسيما السائحين القادمين من دول أخرى والذين يحتاجون باستمرار لتحويل عملاتهم الأجنبية إلي مصرية أو العكس ، بينما تعتبر البنوك المحلية هي المنوطة بتدبير الأموال اللازمة للعمليات التجارية كونها تقدر بملايين الدولارات.

5 – هل كل من يحصل على دولار من الصرافات يعتبر مشترك بالسوق السوداء ؟ 
بالتأكيد لا ، لأن هناك سعر رسمي محدد أيضاً لدي الصرافات وهو اكثر بنسبة ٥ قروش من السعر المحدد بالبنوك ، وبالتالي يمكن التعامل رسمياً مع شركات الصرافة لكن بمجرد اختلاف السعر سواء البيع أو الشراء عن أسعار الشاشة فيندرج ذلك تحت السوق السوداء .

6 – ولماذا لم يوفر البنك المركزي “الدولار” اللازم لكافة المستوردين بالسعر الرسمي ؟
لأن الدولة تعاني من أزمة طاحنة بمواردها من النقد الأجنبي منذ إندلاع ثورة يناير وذلك بسبب تراجع إيرادات السياحة و انخفاض الإستثمارات الأجنبية المباشرة وغير مباشرة فضلا عن انخفاض الصادرات وتذبذب إيرادات قناة السويس مؤخراً علي خلفية الركود الذي ضرب التجارة العالمية. 

7 – إذن ما  هي المشكلة من استمرار السوق الموازية طالما أن البنوك غير قادرة على تغطية كافة الطلبات ؟ 
المشكلة تكمن في استنزاف موارد النقد الأجنبي المتاحة بالدولة في استيراد سلع غير أساسية يسهل الاستغناء عليها ، مع العلم أن في حالة عدم وجود سوق موازية سيتم بيع كل هذه  الدولارات داخل البنوك بالسعر الرسمي وبالتالي سترتفع قدرة البنوك علي تمويل السلع الأساسية والتي قد تمتد لسلع غير أساسية أخرى.
هذا إلى جانب أن حصول المستوردين على الدولار بسعر عالي من السوق الموازي يدفعهم لرفع اسعار السلع المستوردة بشكل مبالغ فيه الأمر الذي يقلل من القوة الشرائية للمواطنين بصورة أكبر ويضغط على معدلات التضخم التي من المفترض ان تستفيد من تراجع أسعار السلع العالمية .
علاوة  أن وجود سعرين للدولار داخل السوق يقضي على أمال جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة “FDI ” لأن من المستحيل أن يأتي مستثمر وهناك سعرين للدولار وذلك لصعوبة تقدير تكلفته وأرباحه المستقبلية .

8 – وما هي تحركات ” المركزي ” للقضاء على السوق الموازية ؟
يحاول “المركزي” بأكثر من طريقة تضييق عمل السوق الموازية سواء من خلال خفض قيمة الجنيه إلى مستوي يعبر عن قوي العرض والطلب ليقترب من السعر المتداول بالسوق ، إلى جانب لجوءه في فبراير الماضي لفرض حد أقصي للإيداع الدولاري بواقع 10 دولار يومياً و 50 ألف دولار شهرياً وهو القرار الذي حجم السوق السوداء بشكل كبير فور تنفيذه ، إلى أن وجد البعض طرف للتحايل عليه .

9- وما هي طرق التحايل على قرار الحد الأقصي للإيداع الدولاري ؟
وبدأت طرق الإلتفاف على القرار من باب التحويلات البنكية عبر شراء نقد أجنبي من خارج القطاع المصرفي وإيداعها في حسابات عدد من العملاء الأخرين ( وفقاً للحدود القصوي ) ، ومن ثم تجميعها ليعاد تحويلها داخلياً بالبنك إلى حساب العميل الأصلي واستخدامها في تنفيذ عمليات استيرادية أو سداد مديونية بالدولار الأمريكي مترتبة على تمويل عمليات استيراد.
لكن ما لبث المستوردون يبحثون عن مخرج آخر، ومنها التلاعب فى قيمة فواتير الاستيراد، وإن كان البعض قد أكد انتشارها منذ فترة طويلة، نتيجة الاعتماد على التحصيلات المستندية، ولا سيما المتعلقة بالسلع المستوردة من الصين، وذلك عبر اعتماد المستورد على إظهار فواتير بأقل من قيمتها الأصلية وتمويل تلك القيمة عبر البنوك المحلية وإثباتها فى نموذج (4) للإفراج الجمركى، بينما يعتمد على أسواق خارجية لتمويل الفرق بينها وبين القيمة الحقيقية للصفقة .
ثم بحث المستوردين عن منفذ جديد للحصول على النقد الأجنبى، وتوسعت بعض شركات الصرافة بالخارج، ولا سيما فى دبى، باستقطاب أموال المصريين العاملين فى الخارج عبر الحصول على الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، بقيمة تصل إلى 8.25 أو 8.5 جنيه، على أن يتم بيع الحصيلة الدولارية للشركات والمستوردين، كما نشطت الفكرة نفسها فى دولتى الصين وتركيا، على خلفية زيادة حجم التبادل التجارى مع البلدين، إذ يصل عجز الميزان التجارى مع الصين وحدها إلى 10 مليارات دولار.
واستغل المتعاملون ميزة المناطق الحرة للخروج من مآزق الحصول على نموذج 4 الذي يجب الحصول عليه من البنوك المحلية للإفراج الجمركي للبضاعة .
 
10- وماذا عن تشديد الرقابة على شركات الصرافة ؟
في الحقيقية هذا الأمر يختلف عليه المتعاملون بالسوق حيث يري البعض أن “المركزي” أغلق خلال العام الجاري عدد كبير من شركات الصرافة لاسيما ممن لهم انتماءات سياسية مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين وتورطوا بالبيع بأسعار غير رسمية ، بينما  يري معظم المتعاملون أن تشديد الرقابة على تلك الشركات سينتج عنه غلق معظمها وهو الأمر الذي سيتتبعه ارتباك كبير بالسوق المحلي .

11 – لكن سعر الدولار الرسمي والمعلن من المركزي لا يعبر عن قوى العرض والطلب الحقيقة الأمر الذي يصعب من بيع الدولار للبنوك ؟
هذا حقيقي ، وهذا ما يطلبه معظم المحللون بالسوق من البنك المركزي بضرورة إجراء خفض تدريجي في قيمة الجنيه للتعبير عن قيمته الحقيقية ، مع العلم ان هشام رامز محافظ البنك المركزي قد قال في حوار مع إحدى الصحف قبل أيام أن تحريك سعر الدولار، مرتبط بظروف واجراءات معينة، والبنك المركزى لا يستطيع أن يطلق العنان لتحرير سعر الدولار، كما يطالب الكثير من رجال الأعمال،
وقال نحن لا نستطيع أن نتركه أن يصل لمستواه العادل مرة واحدة، لتأثير ذلك سلباً على ما يقرب من 90% من الشعب المصرى، لافتاً إلى أن عدم وصول سعر الدولار لسعره العادل لا يضر بقطاع الصادرات كما يشيع الكثيرون، لان الصادرات تواجه مشكلات أخرى مثل فقدان كثير من الأسواق العربية الأساسية نتيجة الصراعات السياسية مثل ليبيا واليمن وسوريا والعراق. 

12 – وماذا عن مغالاة بعض البنوك في العمولات التي تحصل عليها لتدبير العملة وفتح الاعتمادات المستندية اللازمة لأعمال التجارة ؟
حقيقة لا يمكن إغفالها ، وعلى “المركزي” أن يشدد الرقابة أكثر للحد من تلك التصرفات ، مع العلم أن الرقيب تدخل لأول مرة لوقف مغالاة بعض البنوك في عمولة فتح الاعتمادات المستندية عبر وضع سقف لها في الأجل القصير بنسبة تصل إلى 1.5% تقريباً.

13- لكن ماذا يفعل أصحاب السلع غير أساسية والذين لا يستطيعون تدبير الدولار ، هل تغلق أعمالهم ؟
يعتبر هذا السؤال شائك لاسيما أنه مرتبط بمصير أسر وعائلات تعمل في تجارة تلك السلع  كلعب الأطفال وغيرها من السلع غير الأساسية ، الأمر الذي يفرض تقليل استيراد تلك السلع وليس منعها بالكامل حفاظاً على مورد رزق هذه الأسر .
وهنا يظهر تساؤل آخر ما هو الحل لدولة تعاني من نقص مواردها بالنقد الأجنبي هل تفتح بااب الاستيراد على البحري دون ظبط أو رابط ، أم يجب اتخاذ اجراءات وقائية لضمان استمرار وجود السلع الأساسية على الأقل والتي تمس حياة كافة المواطنين فكما نعلم جميعاً تأثير غياب دواء أو غذاء لا يقارن بالتأكيد بغياب لعب الأطفال او التفاح المستورد الذي قال محافظ البنك المركزي أن قيمة استيراده 400 مليون دولار !

14 – وهل أنت مستفيد من استمرار السوق الموازية  ؟
نستطيع القول أن استفادة الشخص المتعامل مع السوق السوداء “وقتية” وتتمثل في الحصول على قيمة أكبر لأمواله من خلال الفرق بين السعرين الرسمي والموازي والذي يدور حول مستوي 25 قرشاً  ، لكن على الأجل المتوسط والطويل غول الأسعار سيزداد شراسة مع ارتفاع الدولار المبالغ فيه بالسوق السوداء ، لأن من الطبيعي أن ينقل المستورد السعر الغالي الذي اشتري به للمورد النهائي رغم ان انخفاض السلع العالمية بأكثر من 30% من المفترض أن يحد من الزيادة العامة في الأسعار 
كما أن عدم وجود رقابة على السوق الموازية يفتح الباب لإمكانية استغلال الدولارات في تمويل أعمال غير مشروعة كالعمليات الإرهابية أو تجارة السلاح و المدخرات لاسيما في ظل تردي الأوضاع الأمنية في الدول العربية المجاورة كليبيا و سوريا .
وتتلخص الإشكالية في الآتي : ستبيع دولار غالي بالسوق السوداء ثم يشتريها المستورد بالغالي إلي أن يبيع لنا المنتجات بالغالي أيضاً لندور حول دائرة مفرغة أدخلنا أنفسنا فيها دون ان ندرك ظانين أننا سنحقق أستفادة منها في حين أننا كالدبة التي تقتل صاحبها 

15- وما هو المخرج الرئيسي من تلك الدائرة المفرغة ؟
لا يوجد إلا مخرج واحد وهو اتجاه حائزي الدولار من تحويلات المصرين بالخارج أو المصدرين ووكلاء السياحة بالبيع داخل البنوك ، مع أهمية مراعاة ان يتبع البنك المركزي سياسة تخفيض العملة لتقترب على الأقل من القيمة الحقيقية التي تعبر عن قوي العرض والطلب ،  وبالتالي دخول الدولارات مرة آخرى داخل البنوك والتي بدورها ستمول عمليات التجارة وتعيد الأمور إلى نصابها الحقيقي ، على أن تمارس شركات الصرافة دورها مع المتعاملين الأفراد بمبالغ صغيرة .

جريدة المال

المال - خاص

3:41 م, الثلاثاء, 20 أكتوبر 15