أسباب خفض الجنيه وتداعياته على المصريين فى سؤال وجواب

أسباب خفض الجنيه وتداعياته على المصريين فى سؤال وجواب

أسباب خفض الجنيه وتداعياته على المصريين فى سؤال وجواب
جريدة المال

المال - خاص

10:41 م, الأثنين, 14 مارس 16


نيرمين عباس

استيقظ المصريون صباح اليوم الاثنين 14 مارس على ضجيج قوي صاحب الإعلان عن نبأ عاجل مفاده “البنك المركزي خفض قيمة العملة المحلية بواقع 112 قرشًا فى عطاء استثنائي ليصل سعره بالبنوك المحلية إلى 8.95 جنيه مقابل 7.83 أمس.

وانفجرت تعليقات كثيرين فى أعقاب انتشار الخبر، وازدحمت العقول بتساؤلات عدة حول تأثير تلك الخطوة على الأسعار، ومصير الجنيه خلال الفترة المقبلة، وتجيب “المال” عن تلك الأسئلة فى تقرير مبسط توضح خلاله التداعيات المنتظرة، فضلاً عن توصيف الأمر وهل هو خفض أم تعويم، أو تعويم مُدار؟ وماذا يعنى ذلك؟

وقام “المركزي”  المصري بطرح استثنائى مفاجئ صباح اليوم عوّم فيه العملة المحلية، إذ طرح 200 مليون دولار للبنوك بسعر 8.85 جنيه، مقابل 7.73 بالطرح السابق بارتفاع قدره 14%.
 
بداية، لماذا أقدم “المركزي” على خفض العملة؟

لسبب بسيط ومباشر وهو نقص الدولار أمام الجنيه، والعملة كأى سلعة اخرى تخضع للعرض والطلب، وبالتبعية إذا زاد الدولار فى السوق أمام الجنيه يقل سعره، وإذا شح يزداد بجنون كما حدث بالأيام الماضية.

كما أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة (بمشروعات) أو غير المباشرة (بسندات وأذون خزانة حكومية) ابتعدت تماماً عن السوق تيقناً منها أن العملة ستنخفض خلال وقت قريب، وبالتالى دخول المستثمرين حالياً سيكلفهم مبالغ إضافية، بينما الانتظار لحين “التعويم” سيضمن لهم فرص استثمار بأسعار أرخص.
 
لم لا يتوافر الدولار محلياً؟

لأن جميع مصادر الدخل بالعملة الأجنبية تتراجع، فقد تقلصت إيرادات قناة السويس نتيجة تباطؤ التجارة العالمية، وكذلك هبطت عوائد الصادرات، والاستثمارات الأجنبية هى الأخرى، والسياحة، فضلاً عن تحويلات المصريين فى الخارج التى تنخفض نتيجة أزمات الخليج وما تبعها من تسريح عمالة بعضها مصرية.

ما تداعيات تقليص قيمة العملة على المصريين؟

لتراجعات العملة انعكاسات كثيرة، أبرزها ارتفاع أسعار السلع عامة، لأن أغلب احتياجات المصريين تستورد من الخارج بالدولار سواء أدوية أو غذاء وغيرها، ومن ثم ارتفاع “الأخضر” سيتجه بالأسعار صعوداً، فى وقت لا تتجه فيه الحكومة مطلقاً لزيادة الرواتب.

ومن بين التداعيات أيضاً تراجع دخل المصريين إذا تم تقويمه بالدولار، ما سيصعب الأمر على من يرغب بالسفر للخارج، أو يخطط لشراء أى سلعة من الخارج.
 
أين الخلل؟

تتعدد الأسباب التى أدت لهبوط العملة، فالحكومة من جهتها لم تنجح فى جذب استثمارات خارجية بالقدر المطلوب، فضلاً عن أنها لم تُحفّز الصادرات، كما تلقت السياحة ضربة شديدة للغاية عقب سقوط الطائرة الروسية دفعتها للركود، وبالتزامن مع ذلك كله تقلص دخل قناة السويس نتيجة تباطؤ التجارة العالمية بسبب أزمة ركود الاقتصاد الصيني.
 
كيف خفض “المركزي” العملة؟

يقوم البنك المركزي بطرح 3 مزادات أسبوعية لبيع الدولار للبنوك، بسعر يحدده هو، وقد كان المركزي يثبت سعر العملة الخضراء عند 7.73 جنيه على مدار الأشهر الماضية رغم شحها وارتفاع سعرها بالسوق السوداء، وتبيعه البنوك من جهتها للعملاء بفارق 10 قروش اى بـ 7.83 جنيه، وقام المركزي صباح اليوم بمزاد استثنائى باع فيه 200 مليون دولار بـ 8.95 جنيه.

يُذكر أن الاحتياطى من النقد الأجنبي لدى المركزي بلغ بنهاية الشهر الماضى نحو 16.5 مليار دولار، وهو رقم هزيل لا يتيح له التدخل بقوة للوفاء باحتياجات السوق، وهو أحد العوامل التى قد يكون لها دور فى الخطوة فيما أقدم عليه اليوم.
 
إلى أين يتجه الأخضر؟

يُرجّح الاقتصاديون أن يواصل ارتفاعه صوب 9.5 جنيه، وأن تكون هناك حالة من التذبذب بين الصعود والهبوط فى إطار سياسة التعويم، ولخلق حالة من عدم اليقين عند المضاربين بِشأن مصير الجنيه ما سيدفعهم لبيع ما بحوزتهم من دولار بالسوق.
 
هل يكفي خفض الجنيه لإنقاذ الاقتصاد؟ وماذا بعد؟

بالطبع خطوة تعويم العملة وحدها غير كافية لجلب المستثمرين،  فقد تساهم فى اجتذاب ما يسمى بالأموال الساخنة – وهى استثمارات أجانب بأذون وسندات حكومية- وبالبورصة، لكن هناك خطوات أخرى متوقع أن تقوم بها الحكومة ستكون “مؤلمة” كما صرح رئيس الوزراء منذ فترة.

ومن بين الإجراءات التى تقع على عاتق الحكومة إلغاء الدعم، وفرض سياسات تقشفية للقضاء على عجز الموازنة، وفرض ضريبة القيمة المضافة التى سترفع الأسعار.

وتتجه الأنظار حالياً لتحركات المركزي بالأيام المقبلة، وسط حالة ترقب لبيان الحكومة أمام البرلمان يوم 27 مارس المقبل والذى سيكشف خلاله لممثلي الشعب الخطوات الإصلاحية التى يعتزم اتخاذها.
 
إذن .. تعويم أم خفض أم تعويم مدار، وما الفرق؟

مبدئياً خفض العملة هو تقليص قيمتها بنسبة ما ثم تثبيتها عند رقم معين، بينما تعويمها هو تركها لحرية العرض والطلب تماماً دون أى تدخل، فى حين أن التعويم المُدار هو مزيج بين الاثنين، بمعنى أن المركزي يُخفّض العملة لكنه لا يرفع يده تماماً، ويضخ دولارات بالبنوك المحلية دورياً لاستيعات مطالب المستوردين.

ما يحدث حالياً هو أقرب لسيناريو التعويم لكنه مدار أو محكوم، غير أن الأمر سيتضح بصورة أكبر خلال الأيام المقبلة، فإذا تمسك المركزي بقيمة معينة للجنيه وثبته يكون الأمر مجرد خفض، أما إذا ترك العملة تصعد وتهبط بمرونة إذن فهو تعويم مدار.

ولا يتصور الاقتصاديون أن يقوم “المركزي” بتعويم كامل للعملة لأن ذلك سيدفعها لمستويات تاريخية قرب 11 او 12 جنيهًا فأكثر، فى ظل الخلل الواضح بين العرض والطلب.
 
إيرادات الدولة بالدولار فى أرقام

وسجلت إيرادات قناة السويس خلال يناير 2016، إيرادات بلغت 411.8 مليون دولار – بما يعادل 3 مليارات و178.9 مليون جنيه- بتراجع بلغت نسبته 5.2%، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، و تراجعت حصيلة الصادرات السلعية بنحو 26.5% لتسجل 4.6 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي الحالي، مقابل نحو 6.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، كما سجلت حصيلة الصادرات السلعية غير البترولية تراجعا بنحو 487.5 مليون دولار لتبلغ 3.1 مليار دولار مقابل 3.6 مليار.

وانهارت إيرادات السياحة منذ سقوط الطائرة الروسية بنهاية أكتوبر الماضي، وبلغت بنهاية 2015 نحو 6.1 مليار دولار، علماً بأن القطاع كان يدر قرابة الـ 13 مليار دولار قبل 2011، فيما بلغت تحويلات المصريين بالخارج 19.3 مليار دولار بنهاية العام المالى الماضى مقابل نحو 20 مليارا فى الفترة السابقة له، ومن المتوقع أن تهبط بصورة أكبر بسبب أزمات الخليج التى تؤثر على العمالة المصرية.

وبلغ صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة الى مصر في الربع الأول من العام المالي الحالي 1.38 مليار دولار مقابل 689.9 مليار في الربع الأخير من العام المالي الماضي ومقارنة بـ 1.32 مليار في الربع المماثل من 2014-2015.

وسجل إجمالي التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة الوافدة الى مصر خلال الربع الاول من العام المالي الحالي 2015-2016 نحو 2.9 مليار مقابل صافي تدفقات للخارج بلغ 1.5 مليار دولار.

جريدة المال

المال - خاص

10:41 م, الأثنين, 14 مارس 16