Loading...

أزمة اليونان تهدد تماسك الوحدة النقدية الأوروبية

Loading...

أزمة اليونان تهدد تماسك الوحدة النقدية الأوروبية
جريدة المال

المال - خاص

12:29 م, الأثنين, 25 يونيو 12

إعداد – أيمن عزام

أجبرت أزمة الديون، السياسيين اليونانيين علي تسليط الأضواء للمرة الأولي علي قضية جدوي توحيد العملة داخل هذه المنطقة من العالم.. بل التشكيك في الدور الذي لعبته في نشوء الأزمة من الأساس.

 
وقد انخرط بعض السياسيين في إدارة الأزمة عن طريق تهدئة مخاوف المواطنين من امتدادها لدول أخري، والادعاء بأن وجودها ينحصر في عدد محدود من الدول. واستدلوا ببقاء قيمة اليورو مستقرة نسبيا أمام العملات الأخري مثل الدولار.

 
لكنهم ربما يكونون قد أغفلوا في ذروة الحماس دفاعاً عن العملة الأوروبية الموحدة تذكر حقيقة أن عضوية اليونان في منطقة اليورو تجعل من المتعذر التعامل معها بوصفها أزمة تخص اليونان وحدها، وتؤكد ضرورة الانتباه للتهديد الذي تشكله علي الوحدة النقدية التي تمنح العضوية لدول ذات مقومات اقتصادية متفاوتة.

 
وتبدو الأزمة مرشحة للتفاقم والخروج علي حد السيطرة إذا قررت باقي الدول الأوروبية تجاهل تقديم المساعدات الكافية لانقاذها من التعثر.

 
كما أن المستثمرين لا يملكون الضمانات الكفيلة بعدم اتخاذ أوروبا قراراً بسحب الدعم المقدم لدول مثل البرتغال أو أيرلندا بعد الإعلان عن تعثر اليونان، وهو ما سوف يدفعهم لبيع ما يملكونه من سندات حكومية، لتنخفض بذلك أسعار هذه السندات وترتفع أقساط مخاطرها. وستجد هذه البلدان نفسها عاجزة عن جمع رؤوس الأموال إلا بعد سداد أسعار فائدة مرتفعة سيكون من شأنها زيادة أعباء الميزانية المثقلة فعليا بعجز هائل.

 
وذكرت مجلة دير شبيجل أن الآباء المؤسسين لمنطقة اليورو لم يضعوا أي بنود تختص بتحديد طريقة التعامل مع الموقف الحالي، فرغم أن الوحدة الأوروبية تضم دولا قوية وأخري ضعيفة اقتصادياً.. فإن اللائحة الأساسية للاتحاد لا تشتمل علي خطة تحدد طريقة الخروج من أي أزمة مشابهة كما أنها تفتقد وجود أي قواعد يسهم اتباعها في التعامل بشكل أفضل مع الأزمات الطارئة.

 
وربما يكون هذا هو السبب في تحول الأزمة المالية التي تندلع في إحدي دول منطقة اليورو لتصبح أزمة تهدد فرص بقاء العملة الموحدة والاتحاد الأوربي وحكوماتها ومؤسساتها.. بل يمتد التهديد ليشمل المشروع السياسي الأوروبي ومستقبله وفرصة اندماجه.

 
وتواجه حالياً خطط انقاذ اليونان تهديداً مباشراً يتمثل في احتمال افتقاد الدول الأوربية الداعمة لخطط الإنقاذ الشرعية الديمقراطية والمساندة الشعبية وإن كان يتم تمريرها حتي الآن عبر الآليات المتبعة داخل هذه البلدان، وهو ما يشكل أكبر تهديد لفرص استمرار انضمام هذه الدول لجهود إدارة الأزمة.

 
فقد بلغت الأزمة في اليونان حدا يجعل اتخاذ القرار يخرج علي نطاق وسيطرة المجالس الأوروبية التابعة للأتحاد الأوربي، حيث أصبحت القرارات المهمة يجري اتخاذها بواسطة عدد محدود من القادة الأوروبيين.

 
ويتم في اجتماعات لا تحضرها سوي المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي، وضع سياسات الإنقاذ ليتم تمريرها لاحقاً بعد عرضها بشكل روتيني علي البرلمانين الفرنسي والألماني بعد حضور اجتماعات أخري منفصلة مع رؤساء البنوك المركزية في فرنسا وألمانيا، كل علي حدة.

 
لكن تمرير هذه القرارات والسياسات بالطريقة السابقة لا يكفل اكتسابها التأييد الشعبي اللازم من المواطنين، بالنظر لجسامة التأثير الذي ستلعبه علي حياتهم وفرص توظيفهم ومدخراتهم وأمنهم الاجتماعي. ولا تقتصر أهمية هذه القرارات علي مواطني البلدان المقدمة للدعم مثل فرنسا والمانيا بل إلي البلدان المتلقية له مثل اليونان، ولعل أحد أسباب غضب الأوروبيين هو عدم مشاركتهم في وضع هذه السياسات والقرارات، واعتقادهم بافتقاد قادتهم السياسيين خططاً خاصة بهم، بعيداً عن متطلبات الأسواق المالية وبعض القيود التي يزعم هؤلاء القادة ضرورة الانصياع لها.

 
وتواجه الوحدة خطر التفكك جراء انشقاق الدول المقدمة للدعم، فقد تصاعد غضب المواطنين في هذه الدول بدعوي إهدار المليارات من العملة الموحدة خطط دعم الدول الأوروبية الأخري، بينما تتزايد يوما بعد يوم معارضة المواطنين في الدول المتلقية للدعم جراء تطبيق المزيد من التدابير التقشفية.

 
وبينما خرج آلاف المواطنين الغاضبين في شوارع مدريد واثينا احتجاجا علي هذه التدابير أبدت نسبة من الألمان تقدر بنحو %60 اعتراضها علي تزويد اليونان بالمزيد من حزم الدعم، كما أبدت نسبة مماثلة في الاتحادات التجارية في أثينا معارضتها للجهود الحكومية الرامية لكبح جماح الإنفاق، الذي أصبح يشكل شرطًا اساسياً للحصول علي المزيد من القروض.

 
وخرج الآلاف من اليونانيين في مظاهرات حاشدة استهدفت قطع الشوارع المؤدية لمبني البرلمان الذي سيتم داخله اقرار الخطط التقشفية.

 
وأبدي رئيس الوزراء رغبته في تلبية الالتزامات المالية للحصول علي حزمة قروض أخري عن طريق اقرار حزمة تقشفية جديدة تقتضي تقليص انفاق يقدر بنحو 6.5 مليار يورو بنهاية الشهر الجاري، لكن المتظاهرين يعجزون عن تفهم هذه الرغبة في ظل توجيههم اتهامات مباشرة له بسرقة اموالهم وخيانة الأمانة.

 
وتدلل هذه المؤشرات علي ان المواطنين في دول اليورو الضعيفة مثل اليونان والبرتغال وايرلندا واسبانيا، وفي الدول القوية المقدمة للدعم مثل فرنسا والمانيا لن يطول بهم الزمن طويلاً، قبل نفاد صبرهم علي الأوضاع الحالية الضاغطة.

 
ويسعي الساسة الأوروبيون للدفاع عن الوحدة النقدية بكل قوة، خوفاً من حدوث انهيار يتسبب في إلحاق أضرار جسيمة بالدول الأوروبية لا تستطيع التعافي منها ابداً، خصوصا في ظل التهديد الذي تشكله الاقتصادات الآسيوية سريعة النمو علي مكانة القارة الأوروبية، ويتجه هؤلاء السياسيون لإقرار حزم الإنقاذ واحدة تلو الأخري سعيا لكسب الوقت لحين استعادة هدوء الأسواق.

 
وتري الشركات الأوروبية أن مصلحتها تقتضي الدفاع عن الوحدة الأوروبية، ولعل هذا هو السبب الذي يدفعها لدعم جهود السياسيين، والمطالبة في إحدي الحملات الدعائية بإنقاذ اليورو، وتزويد الدول الأعضاء بالدعم المالي الذي تحتاج إليه، استناداً إلي أن تحقيق هدف الإبقاء علي العملة الموحدة يستحق بذل هذه الجهود الجبارة.

 

 

جريدة المال

المال - خاص

12:29 م, الأثنين, 25 يونيو 12