تعتزم شركة البويات والصناعات الكيماوية -باكين- بيع الارض التي يتواجد عليها مقرها الحالي في الاميرية وذلك بعد الانتهاء من انتقال خطوط انتاجها بالكامل الي العبور.
واوضح محسن حسان العضو المنتدب لباكين لـ »المال« ان ذلك لن يكون قبل منتصف عام 2009 مضيفا ان أمام الشركة خيارين لتفادي دفع ضرائب بنسبة %20 علي الارباح الراسمالية الضخمة التي ستحققها من وراء ذلك. الاول، دمج باكين والعبور في كيان واحد وبالتالي يتم اعادة تقييم قطعة الارض وتسجيلها بالقيمة السوقية التي تتخطي -حسب اسعار العقارات السائدة في المنطقة- 100 مليون جنيه بينما تبلغ قيمة اراضي الشركة المسجلة في قائمة المركز المالي 173 الف جنيه وهو سعر التكلفة الذي يمثل القيمة الدفترية. كما اوضح حسان ان باكين تدرس الخيار الثاني وهو امكانية اضافة الاستحواذات وتطوير انشاء العقارات الي انشطتها المصرح بها و وهو ما سيؤدي الي ادراج الارباح من بيع ارض الاميرية ضمن ارباح التشغيل وليس الارباح الرأسمالية وهو ما يعني تعرضها لشريحة ضريبية اقل. واشار حسان الي ان كل الخيارات مفتوحة في هذا النطاق ولكن اي قرار في هذا الشان سيكون للجمعية العمومية للشركة وليس لمجلس الادارة.
وفيما يخص التكهنات التي تثار دوريا عن قرب قيام مستثمر استراتيجي بالتقدم بعرض للاستحواذ علي الشركة، اشار حسان ان الوقت الحالي لا يشهد أي جديد في هذا النطاق، وان أي طرف مهتم بالشركة سوف ياخذ بالضرورة في الحسبان وضع ارض الاميرية والمكاسب المحتملة من بيعها. وكانت الدولة قد رفضت في منتصف 2007 بيع حصة المال العام في باكين البالغة %35.5 لعدم قناعتها بالسعر المعروض الذي بلغ 58 جنيها للسهم مع اعلانها عن امكانية بيع تلك الحصة في حال توافر عرض مناسب.
وكان سهم باكين قد انضم الي الاسهم النشطة مؤخرا مع تسجيله مستويات سعرية جديدة علي خلفية كون الشركة اصبحت هدفا للاستحواذ كونها اكبر منتج محلي للبويات الانشائية التي تشهد رواجا كبيرا انعكاسا للازدهار غير المسبوق الذي يشهده القطاع العقاري وهو ما سينعكس علي مبيعات باكين علي المدي المتوسط حيث تستخدم البويات في مرحلة متقدمة من الدورة الانشائية. وشهدت قيمة مبيعات باكين ارتفاع بنسبة %8.7 في الربع الاول من العام المالي الحالي مسجلة 169 مليون جنيه مقابل 153 مليون جنيه في الربع الاول من العام المالي المنتهي في يونيو 2007. من جهة اخري ارتفع صافي الربح بمعدل اقل بلغ %2.3 مسجلا 47.8 مليون جنيه، يجيء ذلك انعكاسا لتراجع مؤشرات الربحية لارتفاع تكلفة الانتاج بالاضافة الي تراجع العائد من الفوائد والذي صاحبه تصاعد خسائر عمليات النقد الاجنبي. وجاء ارتفاع الخسائر من الاخيرة نتيجة تراجع الجنيه امام اليورو وهو ما تسبب ايضا في ارتفاع تكلفة المواد الاولية حيث تقوم باكين باستيراد %60 منها من دول الاتحاد الاوروبي.
من جهة اخري تراجعت المصروفات التمويلية الي النصف خلال الربع الاول انعكاسا للتعديلات التي اجرتها الشركة في استراتيجيتها التمويلية والاستثمارية بهدف تعظيم العائد والحد من اللجوء الي التسهيلات الائتمانية لتمويل الالتزامات قصيرة الاجل. ولجأت لتحقيق ذلك بالحد من نمو رصيدها من الودائع، مع استخدام فائض السيولة في تمويل الالتزامات المتداولة، وانعكس ذلك علي العائد من الفوائد ليتراجع مسجلا 600 ألف جنيه مقابل 1 . 8 مليون جنيه فترة المقارنة.
وتعد باكين واحدة من الشركات القليلة العاملة في قطاع مواد البناء التي تعتمد بشكل شبه كلي علي التمويل الذاتي حيث لا يشمل مركزها المالي قروضا تذكر وهو ما يمنحها مساحة واسعة للتوسع في الاقتراض لتمويل نقل اصولها وخطوط انتاجها بالكامل لمدينة العبور.
وكانت باكين تقوم خلال نهاية التسعينيات ومطلع العقد الحالي باستثمار فائض السيولة بشكل كامل في الودائع كون العائد من الفوائد القادمة منها معفي من الضرائب.وكانت تلجأ للسحب علي المكشوف من البنوك لتغطية التزاماتها قصيرة الاجل حيث كان ذلك مجديا اقتصاديا بالنسبة لها . ومع تراجع الفوائد علي الودائع في الاربع سنوات الاخيرة والذي جاء مصحوبا بتصاعد التكلفة الاستثمارية لخطوط انتاج شركة العبور للبويات التابعة لباكين ، قامت الشركة بالحد من الاستثمار في الودائع. وجاء قيام الشركة بتمويل التزاماتها قصيرة الاجل من مواردها الذاتية، ليؤدي لتراجع لجوئها للسحب علي المكشوف من البنوك حيث بلغ رصيدها في نهاية سبتمبر الماضي 6.1 مليون جنيه بعد ان كان قد وصل الي 8 ملايين جنيه في يونيو 2007 .
وبالنسبة لنشاط الشركة الاساسي المتمثل في صناعة البويات الانشائية والصناعية بالاضافة الي الاحبار فقد لجأت باكين في مواجهة تراجع هامش ربح المبيعات الي رفع اسعار عدد من منتجاتها.
كما قامت لنفس الهدف ببيع شرائح متزايدة من انتاجها عن طريق التوجه مباشرة الي المقاولين بدلا من الاعتماد الكلي في تصريف منتجاتها علي الموزعين وهو ما مكنها من الحد من المصروفات البيعية. وساهم في الحد من تراجع هامش ربح المبيعات انتاج البويات الانشائية في مصنع العبور الذي تدار خطوط انتاجه باحدث تكنولوجيا مطبقة في هذا المجال وهو ما مكن الشركة من النزول بتكلفة الانتاج الي مستويات لم تكن متاحة قبل ذلك.
واستمرت الشركة في اتباع استراتيجيتها القائمة علي الحد من البيع الآجل مع التدقيق في قدرة العملاء علي الوفاء بالتزاماتهم وهو ما ادي الي تسارع معدل دوران اوراق القبض مع تراجع رصيدها كنسبة من المبيعات مسجلا 117 مليون جنيه مقابل 109 ملايين جنيه في يونيو 2007. وكانت الشركة قد عانت في نهاية التسعينيات وبداية العقد الحالي من صعوبات في تحصيل مستحقاتها لدي العملاء حيث كانت تقوم في الربع الاخير من السنة المالية المنتهية في يونيو من كل عام بضخ كميات هائلة من منتجاتها عن طريق البيع الآجل للموردين وذلك بغرض تحقيق هدفين ، الاول تجميل الميزانية عن طريق تضخيم المبيعات، والثاني محاصرة منافذ بيع البويات بمنتجاتها في مطلع الصيف وهو موسم بيع البويات وبالتالي تكتفي تلك المنافذ ببيع منتجات الشركة. وتسببت تلك السياسة في مشاكل كبيرة للشركة حيث تعثر جزء كبير من العملاء في السداد نتيجة القيام بتمويل تلك المشتريات من خلال تسهيلات ائتمانية مفروض عليها فوائد مرتفعة. وتسبب الكساد في سوق العقارات آنذاك في زيادة العرض علي الطلب، ولم يتمكن عدد كبير من المقاولين من تسويق وحداتهم السكنية والعقارية مع اشهار العديد منهم لافلاسه وامتناعهم عن السداد وهو ما تسبب في مشاكل كبيرة للشركة فيما يخص التحصيل والسيولة في تلك الفترة.
من جهة اخري تقوم الشركة ببناء مخزون سلعي يغطي انتاجها لمدة خمسة اشهر متحينة الاوقات التي تنخفض فيها اسعار المواد الاولية الداخلة في منتجاتها في الاسواق العالمية.
وستستفيد باكين في الفترة القادمة من الانتعاش الكبير الذي تشهده سوق العقارات مع تفعيل قانون التمويل العقاري وهو ما سينعكس بصورة مباشرة علي مبيعات البويات الانشائية التي تمثل الجانب الاكبر من مبيعات باكين. من جهة اخري يؤخذ علي باكين عدم تمكنها من فتح الاسواق الخارجية امام منتجاتها نظرا لعدم وصول منتجاتها لمستويات جودة واسعار تنافسية تمكنها من المنافسة ، وهو ما ادي الي اعتمادها الكلي علي السوق المحلية التي شهدت دخول متصاعد للشركات الخاصة بالاضافة الي زيادة الشركات الممثلة لاسماء عالمية والتي تجلب معها اخر تكنولوجيا مستخدمة في هذا النطاق وهو ما يتيح لها مميزات اقتصادية تمكنها من تخفيض تكلفة مبيعاتها. وسوف يتعين علي الشركة في الفترة القادمة ان تقدم انواعا جديدة الي السوق مع تطوير منتجاتها الحالية خاصة بعد التنفيذ الكامل لاتفاقية الجات وما تبعه من ازالة الجمارك الحمائية المفروضة بواقع %30 علي البويات المستوردة وهو ما حد من قدرة الشركة علي تمرير الزيادة في تكلفة الانتاج الي المستهلكين بغرض المحافظة علي حصتها السوقية.
وتسعي باكين في مواجهة المستجدات السوقية الي الدخول في شراكات استراتيجية مع عدد من الشركات العالمية وتطوير سلة منتجاتها. وكانت باكين قد حصلت علي ترخيص من شركة آي سي آي الانجليزية لتصنيع الدهانات التي يتم تلوينها في منافذ التوزيع وذلك بعد قيامها بدراسات تسويقية في هذا المجال اظهرت ان هذا النوع من الدهانات سوف يتسع حجم الطلب عليه لانخفاض تكلفته وبالتالي مخاطبته شريحة اكبر من المستهلكين . وتسعي باكين حاليا للتوسع اقليميا مع التركيز علي الاسواق المجاورة وفي مقدمتها ليبيا والسودان والصومال. وعلي الرغم من تصاعد الطلب في تلك الاسواق علي البويات الانشائية فلم تنجح باكين في اقتناص الفرصة نظرا لاشتراطها عدم البيع الآجل تخوفا من تاخر او تخلف البعض عن السداد، خصوصا ان الاوضاع السياسية تؤثر بشكل مباشر في هذا المجال.