أحمد عارفين : "كونسيرتيوم إعادة الهيكلة" لم يوص بدمج شركات التأمين الحكومية

  ■ التحالف طالب بالتحول إلى القانون 159 وطرح %10 من الأسهم لمستثمر إستراتيجى  ■ الشرق والأهلية لم يتعرضا للخسائر ولو دفتريا ■  لن يتم تأسيس كيان جديد للإعادة من دون دعم القطاع الحكومى ■  لايمكن تجميل الميزانيات فى وجود المركزى للمحاسبات  ■ لم يتم استطلاع رأى جهة الرقاب

أحمد عارفين : "كونسيرتيوم إعادة الهيكلة" لم يوص بدمج شركات التأمين الحكومية
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

1:19 م, الأحد, 11 نوفمبر 18

  ■ التحالف طالب بالتحول إلى القانون 159 وطرح %10 من الأسهم لمستثمر إستراتيجى
 ■ الشرق والأهلية لم يتعرضا للخسائر ولو دفتريا
■  لن يتم تأسيس كيان جديد للإعادة من دون دعم القطاع الحكومى
■  لايمكن تجميل الميزانيات فى وجود المركزى للمحاسبات
 ■ لم يتم استطلاع رأى جهة الرقابة فى الدمج لأنه ليس من اختصاصها

حوار- ماهر أبو الفضل:

سيظل ملف إعادة هيكلة شركات التأمين الحكومية مفتوحًا، ليس لأننا نسعى إلى أن ننكأ الجراح، بل لغموض تفاصيله على العامة، وحتى بعض المتخصصين فى سوق التأمين أنفسهم، والعاملون فى الشركات الحكومية نفسها.

وفى محاولة لمعرفة تلك التفاصيل كان لزاما محاورة من تصدروا المشهد حينذاك، وأبرزهم أحمد عارفين، العضو المنتدب للشركة المصرية للتأمين التكافلى ممتلكات، لا سيما وأنه شغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة القابضة للتأمين فى هذا التوقيت قبل استقالته فى مارس 2007.

التعرف على تفاصيل إعادة هيكلة شركات التأمين الحكومية، ودمجها، ليس بهدف استعراض تأريخ لايمكن عودة عجلته مرة أخرى، لأن النزول إلى النهر مرتين ليس منطقيًا، ويعد ضربًا من ضروب الخيال، بل ويتجاوز ذلك ليكون نوعا من الميتافيزيقا، لكن لأن تأثيراته لاتزال السوق تعانى منها حتى الآن- أقصد دمج المصرية لإعادة التأمين- وعدم قدرة القائمين على إدارة السوق وصناعته فى إنشاء كيان جديد، رغم محاولتهم المتكررة والتى تحطمت جلها على صخرة رأس المال، قبل أن تتسلم الهيئة العامة للرقابة المالية الملف، وتسعى إلى أن تقدم شيئا فى إطار جهد القائمين عليها لضبط إيقاع تلك الصناعة.

 
المقدمة الاستهلالية السالفة، تكمن ضرورتها فى الإجابة على التساؤل عن سبب اختيار من سيتم محاورته، وهو أحمد عارفين، العضو المنتدب للشركة المصرية للتأمين التكافلى، والذى شغل خلال إعادة هيكلة الشركات الحكومية منصب نائب رئيس القابضة للتأمين، قادما من مصر للتأمين الذى شغل فيها منصب نائب رئيس مجلس الإدارة لست سنوات متصلة.

المفاجأة هى التصريحات التى أعلنها «عارفين»، واختص «المال» بها، والمرتبط جميعها بكواليس دمج شركات التأمين الحكومية، أو بمعنى أدق دمجها، فقد أكد أن قرار الدمج لم يُعرض على مجلس إدارة القابضة للتأمين أثناء وجوده، كما أن «كونسيرتيوم» إعادة الهيكلة والذى ضم أربعة أطراف دولية لم يوص بالدمج بل بتحويل الشركات الحكومية من قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 إلى قانون الشركات المساهمة رقم 159، من خلال طرح جزء من أسهم تلك الشركات على مستثمر إستراتيجى من القطاع الخاص، وليس من خلال الاكتتاب فى البورصة، وأن يستحوذ هذا المستثمر على حصة لاتقل عن %10.

المفاجأة الثانية، كانت لها علاقة بنفى «عارفين» تكبد الشركات الحكومية خاصة شركتى التأمين الأهلية والشرق للتأمين أى خسائر، حتى وإن كانت خسائر دفترية، وأن التوصية بطرح جزء من أسهمها، بالإضافة إلى مصر للتأمين والمصرية للإعادة على مستثمر من القطاع الخاص كان الهدف منه تعظيم عوائد تلك الشركات وليس وقف أو الحد من خسائرها.

.وإلى نص الحوار:-

«المال»: ملف تأسيس شركة وطنية لإعادة التأمين لايزال حائرًا، خرج من بطن اتحاد الشركات وتلقفته القابضة للتأمين، قبل أن يصل محطته الأخيرة بالهيئة العامة للرقابة المالية، فهل السوق تستطيع إحياء وليدا جديدا بعد وأد المصرية لإعادة التأمين؟
«عارفين»: أنا لا أسأل عن ذلك، والشركات الحكومية هى المنوطة بهذا السؤال تحديدا.

«المال»: لماذا؟
«عارفين»: لأنها الشريك الإستراتيجى وإن كان للقائمين على إدارتها إرادة إيجاد بديل عن المصرية للإعادة فسيتم تأسيس الشركة الجديدة.

«المال»: ماذا تقصد بإرادة القائمين على الشركات الحكومية؟ أليس لديهم رغبة فى أن يكون فى السوق المصرية كيان وطنى متخصص فى إعادة التأمين؟
«عارفين»: ما أقصده هو الرغبة فى المساهمة برأسمال شركة إعادة التأمين، فلا أحد فى السوق يختلف على أهمية وجود كيان وطنى لإعادة التأمين، لكن المعضلة الرئيسية تتركز فى كيفية تدبير رأس المال، والذى لايقل عن 250 مليون دولار، والفكرة حينما خرجت فى البدء كانت الشركات الحكومية داعما لها.

«المال»: كيف كانت الشركات الحكومية داعمة للكيان الجديد ومع ذلك أخفق السوق برمته فى تدبير راسماله ولم يتمكن من جمع %37 من راس المال المقترح من قبل مؤسسة برايس ووتر هاوس التى أعدت دراسة الجدوى وقيمته 200 مليون دولار؟
«عارفين»: كان من المستهدف تدبير %60 من رأسمال الكيان الجديد، مقابل %40 يتم تدبيرها من مستثمر إستراتيجى فى إحدى الأسواق الخارجية، لكن حينما شرع القائمون على الملف فى جمع رأس المال لم يتمكنوا من جلب أكثر من %37، والقول الفصل فى ذلك إن هذا المشروع لن يرى النور إلا بوجود دعم كامل من الشركات العامة أو الحكومية، خاصة مع عدم القدرة على جلب مستثمر إستراتيجى من السوق الخارجية.

«المال»: ألا يمكن البدء فى تأسيس الشركة برأسمال يتلاءم مع الملاءة المالية لسوق التأمين، على أن يتم زيادته فى وقت لاحق، خاصة وأن هناك تجارب دولية ناجحة بدأت برأسمال لايتجاوز 25 ألف دولار ؟
«عارفين»: سيكون كيانا صغيرا، لكنها أطروحة جديرة بالدراسة والمناقشة.

«المال»: طالما أن السوق فى احتياج مُلح لكيان وطنى فى إعادة التأمين، معنى ذلك أن قرار دمج المصرية لإعادة التأمين فى 2007 كان خطأ؟
«عارفين»: بالطبع كان خطأ ولايختلف أحد على ذلك، وقيل هذا الرأى فى حينه بدلا من المرة ألف.

«المال»: كنت أثناء صدور قرار الدمج نائبا لرئيس القابضة للتأمين، فلماذا لم تعلن رفضك هذا على الملأ؟
«عارفين»: كنت نائبا لرئيس مجلس إدارة القابضة، لكن قرار الدمج لم يُعرض من الأساس على مجلس الإدارة أثناء وجودى فى القابضة.

«المال»: ومن الذى أصدر القرار إذًا؟
«عارفين»: لا أعلم من أصدره.

«المال»: ولماذا لم تعترض؟
«عارفين»: فى هذا الوقت كنت وغيرى مدعوين إلى الاحتفال باليوبيل الذهبى، أى مرور 50 عاما على تأسيس المصرية للإعادة، وللأسف أُعلن القرار قبل الاحتفال بيوم.

«المال»: وهل تم الاحتفال أم تم إلغاؤه؟
«عارفين»: لم أذهب فالحفل تحول إلى «مآتم»، ولم يكن هناك داع إلى الاحتفال، فلقد قُضى الأمر.

«المال»: ولماذا لم تقدم استقالتك من القابضة بعد صدور القرار، لإبراء ذمتك أمام التاريخ أولا والعاملين فى السوق ثانية؟
«عارفين»: قدمت استقالتى فى مارس 2007، لكن للأمانة، هذه الاستقالة لم تكن بسبب قرار الدمج ولكن لأسباب أخرى.

«المال»: إذا كان دمج المصرية للإعادة ليس سببًا للاستقالة، فهل هناك أهم من هذا لتستقل من أجله؟
«عارفين»: استقلت لأسباب شخصية، ومن المفترض أن يسأل رئيس القابضة عن قرار الدمج، وبالمناسبة المصرية لإعادة التأمين لم تلغ.

«المال»: ماذا تقصد بقولك أنها لم تُلغ؟

«عارفين»: حينما سألنا الدكتور محمود عبد الله رئيس القابضة للتأمين حينذاك، بعد صدور قرار الدمج قال نصًا «إحنا ملغيناش الشركة، إحنا جمدناها وممكن تطلع تانى من التلاجة».
«المال»: وهل هذا الرد أو التصريح يتسق مع المعايير الفنية والعلمية، ويقبله العقل؟

«عارفين»: بالطبع لا يتسق.
«المال»: وهل «كونسرتيوم» إعادة هيكلة الشركات الحكومية لم يوص فى تقريره النهائى بالدمج؟

«عارفين»: «كونسرتيوم» إعادة الهيكة لم يوص بالدمج ولم يتطرق له فى تقاريره لا تلميحًا ولا تصريحًا.
ومن المعروف أن «كونسيرتيوم» إعادة هيكلة الشركات الحكومية أو التحالف الدولى المنوط بإعادة الهيكلة كان يضم البنك التجارى الدولى وبنك «بى إن بى باريبا» كبنوك استثمارية، وشركة «مليمان» الأمريكية كخبرة إكتوارية، و»إرنست أند يونج» كمحاسبين ومدققين ماليين، و»بيكر آند ماكينزى» كقانونيين.

«المال»: وبماذا أوصى «الكونسيرتيوم» فى تقاريره النهائية؟
«عارفين»: أوصى بتحويل الشركات العامة أو الحكومية من قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 إلى قانون الشركات المساهمة رقم 159 لسنة 1981، بهدف إدخال مساهمين من القطاع الخاص كإحدى الآليات لاختيار إدارة محترفة قادرة على إعداد الإستراتيجيات والخطط والعمل على تنفيذها.

«المال»: وهل كان الهدف طرح نسبة من أسهم الشركات الحكومية فى البورصة، وهل أوصى «كونسيرتيوم» إعادة الهيكلة بذلك؟
«عارفين»: التحول ليس من خلال طرح نسبة من الأسهم فى البورصة، ولكن بإدخال مساهمين من القطاع الخاص بنسبة لاتقل عن %10.

«المال»: لكن إذا تم ذلك ستظل السيطرة على هيكل الملكية حكومية ومن ثم إصدار القرارات التى تعن للجهة المالكة، نظرا لسيطرتها على النصيب الأكبر من رأس المال؟
«عارفين»: بالعكس، فالتحول من قانون قطاع الأعمال العام إلى قانون الشركات المساهمة كان سيؤدى إلى التحول فى الإدارة.

«المال»: كيف؟
«عارفين»: تعيين قيادات الشركات الحكومية حسب القانون 203 يخضع لآليات تختلف عن آليات الاختيار فى الشركات المساهمة.

«المال»: ما سبب التوصية بتحول الشركات الحكومية إلى القانون 159 الخاص بالشركات المساهمة؟
«عارفين»: «كونسيرتيوم» إعادة الهيكلة أكد أن نجاح الشركات الحكومية مرتبط بخصخصتها وبنسبة لاتقل عن %10، على أن تنتقل الشركات الأربع وهى «مصر»و»الشرق»و»الأهلية» و»المصرية للإعادة» من القانون 203 إلى القانون 159، وبذلك تكون هناك مساحة لتعيين مجلس إدارة يختلف عن المجالس القائمة، لأنه بعد التحول سيعبر عن إرادة المساهمين، والقانون 159 ينص على تعيين مجلس الإدارة ممثلا عن المساهمين بالإضافة إلى وجود عضوين من ذوى الخبرة.

«المال»: هل كانت الشركات التابعة للقابضة للتأمين أو بعضا منها يعانى من الخسائر؟
«عارفين»: بالعكس شركات التأمين والإعادة الأربعة كانت تحقق مكاسب ولم تتعرض لأى خسائر.

«المال»: بما فيها الشرق للتأمين والأهلية للتأمين، أى أن كلاهما لم يتكبد خسائر؟
«عارفين»: بالتأكيد وكذلك المصرية لإعادة التأمين.

«المال»: معنى ذلك أن تحويل الشركات الأربع من القانون 203 إلى القانون 159 لم يكن بهدف إنقاذها من الخسائر أو على الأقل الحد منه؟
«عارفين»: لم يكن هذا هدفا لعدم وجود خسائر من الأساس، ولكن كان الهدف تعظيم الربحية من خلال ضخ رأسمال جديد من مستثمر خاص بنسبة لاتقل عن %10.

«المال»: ولماذا سيناريو إعادة الهيكلة شهد تحولا دراماتيكيا فبدلا من الخصخصة أو طرح نسبة من الأسهم لمستثمر إستراتيجى، تم دمج الشركات؟
«عارفين»: لأن الوصول إلى مستثمر أجنبى ليس من القطاع العام للمساهمة فى هيكل الملكية لم يتم.

«المال»: لماذا، طالما أن الشركات الأربع كانت تحقق مكاسب ولم تتكبد خسائر كما قلت؟
«عارفين»: لأن الشركات الأربع تم تقييمها ونقل محفظة العقارات من كل شركة وتأسيس شركة رابعة هى مصر لإدارة الأصول العقارية، على أساس طرح الشركات فى السوق على مستثمر إستراتيجى وليس للاكتتاب العام، وحينما لم يتم الوصول إلى هذا المستثمر، تم إصدار قرار الدمج.

«المال»: ولماذا لم تعترض؟
«عارفين»: لم أكن موجودا وقت الدمج، ولا أعرف سببه، وقرار الدمج نفسه كان مفاجئا للسوق كله بشكل عام ولمجلس إدارة القابضة بشكل خاص، لأنه لم يناقشه، وتم بعد ذلك دمج المحافظ وفصل الأنشطة بحيث تتخصص شركة فى تأمينات الممتلكات فقط هى مصر للتأمين، وأخرى لتأمينات الحياة وهى مصر لتأمينات الحياة أو التأمين الأهلية سابقا، ودمج المصرية للإعادة فى مصر للتأمين لتصبح ذراعها فى إعادة التأمين.

«المال»: معنى ذلك ودعنى أكرر السؤال، الشرق للتأمين لم تكن خاسرة ولو دفتريا وكذلك التأمين الأهلية؟
«عارفين»: بالعكس نتائج كلاهما أكدت أنهما لم تكونا خاسرتين، وكان الغرض من الخصخصة تحسين النتائج وتعظيم الربحية وليس وقف أو الحد من الخسائر.

«المال»: ألم يكن للهيئة المصرية للرقابة على التأمين وقتها أن تعترض على قرار الدمج؟
«عارفين»: لا أعتقد ذلك، لأن الحكومة حينما تدرس خصخصة الشركات لم يكن متاحا الاطلاع على رأى جهة الرقابة، خاصة وأن الهدف من الخصخصة كان تحسين نتائج الشركات التابعة وهو هدف لايمكن معارضته لنبل مقاصده وأهدافه.

«المال»: تردد أن «كونسيرتيوم» إعادة الهيكلة اشتكى من عدم دقة البيانات المقدمة الخاصة بنتائج الشركات، فما مدى صحة هذا؟
«عارفين»: لا أعتقد هذا، فكيف تكون البيانات خاطئة وتمت مراجعتها من مراقب الحسابات واعتمادها من الجمعية العمومية ومجلس الإدارة، وجميعها تم نشره ويمكن الرجوع لها.

«المال»: هل تم تجميل الميزانيات؟
«عارفين»: لايمكن ذلك، خاصة مع وجود الجهاز المركزى للمحاسبات.

«المال»: لو عادت عجلة التاريخ إلى الوراء، ماذا سيكون قرارك حيال الدمج؟
«عارفين»: كان يوجد بديل أفضل وهو الالتزام بتوصيات «كونسيرتيوم» إعادة الهيكلة وتحويل الشركات الحكومية من قانون قطاع الأعمال إلى قانون الشركات المساهمة، مما يساهم فى إيجاد مجلس إدارة قادر على اكتشاف نقاط القوة والضعف، ومعالجة هذا الضعف وتعزيز نقاط القوة.

«المال»: قلت فى معرض الحديث نقلا عن الدكتور محمود عبد الله، رئيس القابضة للتأمين السابق، إن المصرية لإعادة التأمين لم تُلغ، وجرى تجميدها، فهل يمكن أن تخرج مرة أخرى من الثلاجة أو إعادة إحياؤها بنفس الرخصة؟
«عارفين»: للأسف، لايمكن ذلك لأن أصولها دخلت فى أصول مصر للتأمين، والبديل الوحيد هو إنشاء شركة جديدة للإعادة.
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

1:19 م, الأحد, 11 نوفمبر 18