أحلام‮ »‬الصغيرة‮« ‬تتبخر مع القرار‮ »‬414‮«‬

أحلام‮ »‬الصغيرة‮« ‬تتبخر مع القرار‮ »‬414‮«‬
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 26 يوليو 09

المال – خاص
 
يمكن اعتبار المرحلة الراهنة التي يمر بها قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي المرحلة الذهبية للقطاع لما شهدته من تغير جذري في السياسات الحكومية المتبعة لتنميته، وبأسلوب لأول مرة يمكن وصفه بالتوازن علي جميع الأصعدة سواء التمويلية أو التشريعية أو فيما يتعلق بالدعم الفني، حيث صدر العديد من القرارات خلال الأشهر الماضية تصب كلها في اتجاه دفع الامكانيات الكامنة للقطاع وجعله المحرك الأساسي لمعدلات التنمية الاقتصادية. إلا أن القرار الأخير الذي أصدره الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية بشأن وضع قواعد جديدة للمحاسبة الضريبية لم يرق إلي مستوي طموحات القطاع المرجوة والاعفاءات المتوقعة، بالرغم من أن الوزارة عكفت علي اعداد تلك القواعد منذ ما يقرب من عامين وتم الإعلان في أكثر من مناسبة أنها ستحدث تحويلاً جذرياً في مفهوم المحاسبة الضريبية لصغار الممولين، الذين من المنتظر جذبهم للمنظومة الضريبية وبالتالي تضمين هذه المنشآت للاقتصاد الرسمي.

 

 

وجاء القرار الذي اعتبره البعض »فسر الماء بالماء« خالياً من أي اعفاءات إضافية للقطاع، حيث أفرد في مجمله اعفاءات كانت تحصل عليها المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالفعل بموجب القوانين الضريبية القائمة، مما جعل البعض يذهب إلي اعتبار القرار اطاراً تشريعياً ذا مسمي براق لجذب ممولين جدد، وبالتالي لن يعود بالنفع الحقيقي علي المنشآت الصغيرة والمتوسطة ولن يمنحها من الحوافز ما يكفي لدفعها لتقنين أوضاعها.
 
واعتبر البعض تعارض القرار الوزاري رقم 141 لسنة 2009 مع تعريف المنشأة الصغيرة المنصوص عليه بقانون المشروعات الصغيرة أحد التغيرات المهمة لمضمون القرار، لأنه إذا كان تم وضعه للتعامل مع المنشآت الخاضعة لهذا القانون، فالأجدر به أن يلتزم بتعريف المنشأة، نظراً لأن هذه الفترة أخرجت فئة عريضة من المنشآت الصغيرة من صدور الاعفاءات وضمنتها بطريقة غير عادلة لمصاف المشروعات الكبري.
 
وإذا كانت اعادة النظر في مضمون القرار أمراً قد يتعذر فهناك مطالب باعفاء القطاع من تطبيق هذه القواعد إلي حين تأهيلها مالياً وفنياً، لإمساك الدفاتر المحاسبية وتنقيتها قبل تضمينها للمنظومة الضريبية، حتي تكون هناك منفعة مشتركة يستفيد منها القطاع بقدر استفادة الدولة من توسيع قاعدة الممولين وبالتالي المخصصات السيادية.
 
يقول أشرف عبد الغني رئيس جمعية خبراء الضرائب والاستثمار ان القرار الوزاري رقم 414 لسنة 2009 الذي صدر عن وزير المالية الخاص بقواعد المحاسبة الضريبية الجديدة للمشروعات الصغيرة، يتعارض ضمنياً مع قانون تنمية المنشآت الصغيرة رقم 141 لسنة 2004 ولائحته التنفيذية، حيث اعتبر الأخير المشروع الصغير أياً كان شكله القانوني في المادة رقم »1« أن كل شركة أو منشأة فردية تمارس نشاطاً إنتاجياً أو خدمياً أو تجارياً لا يقل رأسمالها المدفوع عن 50 ألف جنيه ولا يجاوز المليون جنيه، كما حد القانون في المادة رقم »2« المنشأة المتناهية الصغر بأنها تلك التي يقل رأسمالها عن 50 ألف جنيه.
 
وأضاف أنه بالعودة للقواعد الخاصة بالقرار رقم »414« نجد أنها قسمت المشروعات الصغيرة إلي ثلاث فئات هي: »أ« و»ب« و»ج«، وذلك وفقاً لرأي المال المستثمر وصافي الربح الضريبي، وهو الأمر الذي يتعارض صراحة مع قانون المشروعات الصغيرة الذي نص علي شكل واحد للمنشأة، لافتاً إلي أن القواعد الجديدة كان يجب أن تضم فئة واحدة طبقاً لما هو وارد كتعريف للمنشأة الصغيرة أو متناهية الصغر تضمن عمل اقرار مبسط وموحد لهذه المشروعات.
 
وأشار عبد الغني إلي أنه وفقاً لقانون المشروعات الصغيرة فإن المنشآت الواقعة ضمن هذا التعريف تلتزم بإمساك دفاتر وحسابات منتظمة طبقاً لمعايير المحاسبة المصرية، لافتاً إلي أنه بتحليل قواعد المحاسبة الجديدة نجد أنه لا توجد اختلافات جوهرية واضحة بين الاثنين، حيث إن الفئة الأولي تم تحديدها بأنها المنشأة التي لا يزيد رأسمالها علي 50 ألف جنيه وحجم أعمالها علي 250 ألف جنيه وربحها السنوي علي 20 ألف جنيه، ولم يلزم القرار الجديد هذه الفئة بإمساك دفاتر وحسابات منتظمة وسمح لها بتطبيق الاتفاقيات التحاسبية، الأمر الذي كان معمولاً به بالفعل قبل صدور هذا القرار وتحديداً لهذه الفئة.
 
وأضاف أن الفئة الثانية حددها القرار بأنها المنشأة التي يزيد رأسمالها علي 250 ألف جنيه وتم إلزامها بإمساك دفاتر وحسابات منتظمة، وهو الأمر الذي كانت ملتزمة به بالفعل، إلا ان القرار اتاح لمن يرغب من هذه الفئة من أصحاب المنشآت الاستعانة بمندوب من مصلحة الضرائب لتنظيم حسابات المنشأة اختيارياً، وأكد ان هذه الفقرة الواردة بالقرار غير قابلة للتطبيق العملي، كما أنها تتعارض مع القانون الضريبي الحالي الذي فرض علي المحاسب الضريبي وليس مأمور الضرائب كما في القانون السابق مسئولية متضامنة مع الممول عن بيانات الاقرار وإلزامه باعتماده.
 
وأكد ان الثغرة الكبري بهذا القرار تتمثل في اخراج الفئة الثالثة تماماً من دائرة المنشآت الصغيرة في مخالفة صارخة مع قانون المنشآت الصغيرة رقم 141، حيث ساوي بينها وبين المنشآت الكبيرة وألزمها بإمساك دفاتر منتظمة وفقاً لمعايير المحاسبة المصرية.
 
وأشار إلي أنه تم منح هذه الفئة ميزة السداد علي دفعات وهو النظام المعمول به حالياً لكل المنشآت الصغيرة والكبيرة بموجب قانون الضرائب الجديد ومادته رقم 62 والتي أتاحت نظام الدفعات المقدمة، لافتاً إلي أن القرار لم يأت بجديد جملة وتفصيلاً فيما يتعلق بالاعفاءات الخاصة بهذه الفئات التي تعارضت ليس فقط مع قانون المنشآت الصغيرة، بل تعارضت مع المادة 18 من قانون الضرائب رقم 91 لسنة 2009، التي نصت علي حق وزير المالية في اصدار قواعد مبسطة لمحاسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة، بما لا يتعارض مع نصوص قانون المشروعات الذي يهدف في الأصل إلي اعطاء صلاحيات لوزير المالية في وضع أساليب محاسبية ضريبية مبسطة، لتوسيع قاعدة المجتمع الضريبي وضم عناصر الاقتصاد غير الرسمي إلي المنظومة الضريبية.
 
ومن جانبه أكد حمدي موسي استشاري تنمية المشروعات الصغيرة بالمؤسسات الدولية أن هذه القواعد جاءت أقل من طموحات المجتمع الضريبي.
 
كما أنها لم تحقق أهداف التيسير التي كانت تتطلع إليها المنشآت الصغيرة إلي جانب أهداف التشريعات الضريبية الجديدة التي استهدفت تشجيع ممولي هذا القطاع علي التسجيل وضم هذه الفئة من المنشآت إلي الاقتصاد الرسمي.
 
ولفت إلي ضرورة اعادة النظر في هذا القرار بحيث يصبح هناك اطار متكامل من القواعد الخاصة بمحاسبة المنشآت يلزمها باصدار فواتير ضريبية ويساعد علي حصرها ويعتمد نسبة من إيراداتها كمجمل ربح مقابل جميع التكاليف، لافتاً إلي أهمية تبسيط عملية إمساك حسابات ودفاتر للمصروفات العمومية والإدارية، واتاحة سداد المستحقات علي ثلاث دفعات تنتهي بنهاية السنة المالية مع عدم احتساب أي غرامات حتي لا تتأثر الحصيلة النهائية.
 
وطالب موسي بضرورة توفير المناخ المناسب لضم مشروعات القطاع إلي المجتمع الضريبي، حيث لا يزال يحتاج إلي المساندتين الفنية والمالية قبل تنظيمه ضريبياً، وأكد أهمية توفيق مشروعات القطاع أوضاعها كخطوة أولي لانتظامها واستقرارها تمهيداً لإمساكها الدفاتر وتقديمها حسابات منتظمة.
 
واقترح أن يتم الابقاء علي الوضع الحالي لمحاسبة المنشآت خاصة أن القرار الوزاري لم تضف إليه تعديلات جذرية وذلك لمدة تتراوح ما بين 3 و5 سنوات، لحين تأهيل القطاع وتوعيته من خلال نشر الثقافة الضريبية وأهميتها دمج القطاع بالاقتصاد الرسمي.

جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 26 يوليو 09