تمكنت الأسواق الآسيوية المتنامية في قوتها الاقتصادية من تأمين شراء النفط بأسعار أقل من نظرائها في الغرب، مما يعد تحولاً مثيراً لما كان سائداً تاريخياً.
فلطالما اعتمدت الاقتصادات الآسيوية التي تعاني من ندرة مواردها الطبيعية مثل الصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية علي النفط القادم من الشرق الأوسط، غير أنها كانت تحصل عليه بأسعار مرتفعة.
لكن هذا الوضع انقلب رأساً علي عقب، مما أعطي ميزة تنافسية أكبر لهذه الاقتصادات الآسيوية علي حساب الدول الغربية يتمثل في وقود أقل تكلفة، فقد باعت المملكة العربية السعودية النفط العربي الخفيف إلي آسيا في مارس بسعر أقل من الدول الأوروبية بنحو 6.37 دولار للبرميل، وفقاً لمجلة »بيتروليم انتيليجنس ويكلي« المتخصصة في شئون الطاقة.
وتبعت الكويت، والعراق نهج السعودية في تزويد آسيا بالنفط بأسعار منخفضة.
وفي 2008، اشتري مستهلكو النفط في آسيا حوالي 14 مليون برميل في اليوم الواحد من الشرق الأوسط.
وأصبحت الاقتصادات الآسيوية قادرة علي تأمين أسعار أقل للنفط بعد اتجاهها إلي البحث عن مزودين جدد في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وتمتلك آسيا %2.5 فقط من حجم احتياطات النفط العالمية.. وتستورد حوالي %80 من احتياجاتها النفطية وفقاً لجريدة »أويل آند جاز« أو »النفط والغاز«.
فقد ارتفعت الواردات النفطية القادمة من غرب أفريقيا بنسبة %60 خلال الربع الأول لتصل إلي 1.75 مليون برميل في اليوم. وتضخ روسيا الآن بعد انتهائها من إنشاء خط أنابيب جديد في شرق سيبيريا في ديسمبر نحو 400 ألف برميل نفط في اليوم إلي معامل التكرير في الصين، واليابان، وسنغافورة.
ووافقت الصين – أكبر مستهلك للنفط في المنطقة – مؤخراً علي إقراض فينزويلا 20 مليار دولار مقابل حصولها علي 100 ألف برميل نفط في اليوم لمدة 10 سنوات.
وفي مارس الماضي تجاوزت أنجولا – ثالث أكبر منتج للنفط في أفريقيا – السعودية لتصبح أكبر مصدر للنفط إلي الصين.
وكان مستهلكو النفط في آسيا يشكون حتي وقت قريب من قلة حيلتهم في مفاوضات تحديد الأسعار مع المزودين.. إلا أن التوقعات المتفائلة للنمو في آسيا جعلتها محط أنظار منتجي النفط.
وتتوقع وزارة الطاقة الأمريكية أن يصل حجم الطلب في آسيا علي النفط إلي %36 من إجمالي الطلب العالمي بحلول 2030 مقارنة بـ%29 هذا العام.
وتحاول الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط الحفاظ علي حصتها السوقية، حيث لجأت السعودية، والإمارات، وقطر إلي تمويل إنشاء معامل تكرير ومستودعات تخزين في الدول الآسيوية لإبرام إتفاقات نفطية طويلة الأجل معها.
ويعني هذا أن النمو المطرد للاقتصادات الآسيوية يمكنها من التفاوض مع الدول المصدرة للنفط من منطلق قوة، لتحصل علي خصم في أسعاره في العديد من الأوقات