تغير بيزنس التليفزيون الأمريكي بدرجة كبيرة منذ بداية عرض المسلسل الشهير E.R منذ عشر سنوات وعرض الحلقة الأخيرة منه في بداية الشهر الحالي، حيث تقلصت الإعلانات بنسبة %40 حاليا مع اتجاه الأمريكيين للتوفير وتقليل الإنفاق بسبب الركود الاقتصادي، وإن كان عدد المشاهدين الذين يجلسون امام الشاشة الفضية لم يتغير كثيرًا عن 16 مليون مشاهد للحلقة الواحدة.
وجاء في مجلة »ايكونوميست« أن الأزمة الحالية وجهت لطمة قاسية لبيزنس القنوات الأمريكية الذي يعتمد في ايرادات علي الاعلانات، التي انكمشت بشدة مع انخفاض مبيعات السيارات ومنتجات التجزئة، وبالتالي انخفضت الاعلانات عن هذه المنتجات التي كانت تحقق لهذه القنوات ايرادات مرتفعة.
وستقوم الشبكات التليفزيونية المحلية في الولايات المتحدة الامريكية باجراء اختبار في السوق لمعرفة حجم الاعلانات المتوقعة حتي نهاية هذا العام، لاسيما ان المشاكل الدورية المؤلمة الناجمة عن ازمة الائتمان والركود الاقتصادي تتطابق مع مشاكل هيكلية اضخم، فقد انكمش عدد مشاهدي شبكات التليفزيون الاربع الكبري حتي وصل الي ادني مستوي لها منذ عشر سنوات.
وكانت شبكة NBC الامريكية التي يشاهدها اكثر من %10 من الامريكيين في عام 1998 قد انخفض الي حوالي %5 بداية هذا العام كما انخفض عدد مشاهدي قناة CBS التي تحتل المركز الثاني بعد NBC من %10 إلي %6.8 خلال الفترة نفسها.
هذا الاتجاه الهابط نفسه شهدته قناة ABC التي تقلص عدد مشاهديها من %8 الي %6 وكذلك قناة FOX من %7 إلي %6.5 خلال هذه الفترة نفسها.
ولا يرجع انخفاض الاقبال علي هذه القنوات الامريكية المحلية الي نقص عدد المشاهدين للشاشة الصغيرة بصفة عامة حيث تؤكد شركة »نيلسن« لابحاث السوق ان عدد ساعات مشاهدة التليفزيون الامريكي العادي بلغت 151 ساعة في الشهر خلال الربع الاخير من العام الماضي، وهي اكبر مدة في تاريخ التليفزيون الامريكي ولكن الازمة ان اكثر من %80 من البيوت الامريكية لديها الآن قنوات فضائية عن طريق الستالايت او الكابل، مما يعني تعدد الاختيارات امام المشاهد الامريكي الذي لم تعد مشاهدته تقتصر علي البرامج والمسلسلات الامريكية فقط بل انتقل الي برامج اخري من جميع دول العالم.
ومع ذلك فإن القنوات التليفزيون المحلية مازالت تنتج برامج تحطم الارقام القياسية في عدد المشاهدين لها مثل برنامج »المعبودة الأمريكية« الذي يقدم مسابقات في الغناء للهواة وبرنامج CSI ويعتمد علي دراما علمية ويجذب كل منهما اكثر من 20 مليون مشاهد للحلقة الواحدة، بما يعادل ثلاثة امثال المشاهدين لأنجح اي برنامج آخر في القنوات الفضائية.
ويقول »كريس سيلبرمان« رئيس شركة »انترناشيونال كريتيف مانجمنت« للبحث عن المواهب التليفزيونية، إن القنوات المحلية تسعي الآن وسط الركود الاقتصادي لاجتذاب اكبر عدد من المشاهدين يحقق لها الايرادات بعد انخفاض حجم الاعلانات بسبب اتجاه الشركات لتقليص التكاليف.
وقد تراجع عدد مشاهدي أنجح العروض التليفزيونية مثل »المعبودة الامريكية« بنسبة ٪9 خلال الفترة من اول 12 اسبوعاً من عام 2005 مقارنة بأول 12 اسبوعاً من العام الحالي، لكن عدد المشاهدين لبرنامج آخر يحتل المركز العاشر في قائمة افضل العروض التليفزيونية انخفض بنسبة 17٪، وكذلك بالنسبة للبرنامج الذي يحتل المركز العشرين بنسبة18 ٪.
وتحاول القنوات التليفزيونية اقناع شركات الاعلانات بالانفاق اكثر علي اعلاناتها لاجتذاب عدد اكبر من المشاهدين لاغرائهم بشراء المنتجات المرتبطة بهذه الاعلانات كوسيلة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وإن كانت هذه الشركات تؤكد ايضا ان قنوات التليفزيون هي افضل وسيلة آمنة لترويج المبيعات للمنتجات المختلفة.
ومع ذلك فقد تغير بيزنس القنوات المحلية منذ العام الماضي فقط، حيث نالت برامج القنوات الفضائية معظم جوائز ان ڤي للبرامج والمسلسلات التليفزيونية ونال مسلسل »مادمين« جائزة افضل دراما تليفزيونية، وهي المرة الاولي التي ينال فيها مسلسل يعرض في القناة الفضائية AMC مثل هذه الجائزة.
وأدت هذه الجوائز التي نالتها برامج ومسلسلات القنوات الفضائية الي تغيير الاتجاهات نحو هذه القنوات، كما يقول »بروس روز نيلوم« رئيس قسم التليفزيون في استوديوهات »وارنر بروس«، الذي يري ان تزايد برامج القنوات الفضائية ستزيد حصيلتها من الاعلانات علي حساب القنوات المحلية خلال العام الحالي فصاعدًا.
ويبدو أن الازمة المالية اثرت ايضا علي القنوات المحلية الامريكية، حيث قدمت عروضاً جذابة اقل من المعتاد هذا العام وكان العديد منها عبارة عن عروض كوميدية رخيصة التكاليف لا تستغرق الحلقة الواحدة منها سوي نصف ساعة فقط مثل قناة NBC التي تعرض برنامجاً حوارياً باسم »جاي لينو« لمدة خمس ليال اسبوعيا في التوقيت نفسه الذي كان يعرض فيه مسلسل E.R الذي كان يحقق اعلي نسبة من المشاهدين في ذلك الوقت.
وتشعر القنوات المحلية بالغيرة من القنوات الفضائية التي تدخل لها ايرادات ثابتة دائما من شركات التوزيع، ولذلك فإنها ستتجه لمشاركة القنوات الفضائية في الانتاج لتوزيع برامجها في دول اخري غير الولايات المتحدة الامريكية لزيادة ايراداتها واستعادة الانتعاش الذي شهدته خلال العقد الماضي.
