خابت توقعات شركة جنرال إليكتريك الامريكية عن الربع الاول من العام الحالي، عندما اعلن رئيسها التنفيذي جيفري ايملث في مارس الماضي ان ربح السهم سيحقق رقما قياسيا يصل الي 51 سنتا، وانتهي به الحال الي 43 سنتا فقط لتصل ارباح الشركة الي 4.3 مليار دولار مقابل 4.57 مليار دولار عن الربع الاول من العام الماضي.
واعتذر جيفري للمستثمرين عن ضعف الارباح التي انخفضت بسبب ازمة الائتمان العالمي وضعف الاقتصاد الذي ضرب قلب البيزنس الامريكي مما جعل سعر اسهم جنرال إليكتريك تنهار بنسبة %13 تقريبا في يوم واحد بعد اعلان نتائج الشركة لتصبح اكبر نسبة انخفاض لاسهم الشركة منذ اكثر من عشرين عاما.
ومن المتوقع ايضا ان تنمو ارباح الشركة بنسبة %5 علي الاكثر خلال هذا العام رغم ان جيفري اعلن في 13 مارس الماضي ان نمو الارباح سيتجاوز %11، ولكنه يؤكد الان ان الاقتصاد الامريكي يواجه صعوبات شديدة، وسيظل يواجهها حتي نهاية العام الحالي.
وتشكل هذه النتائج المحبطة ضغوطا جديدة علي جيفري الذي قام بهيكلة الشركة عندما تقلد رئاستها منذ ست سنوات ونصف السنة، حيث انخفض سعر السهم بنسبة %19 ليصل الي 32.05 دولار هذا الشهر عن المستوي الذي كان عليه السهم عندما اصبح جيفري مسئولا عن الشركة قبل هجمات 11 سبتمبر عام 2001.
واذا كان المحللون يتوقعون ان تتعرض وحدة اقراض المستهلك لخسائر كبيرة، الا ان الشركة مليئة بنقاط ضعف عديدة اخري في فروع الرعاية الصحية والمنتجات الاستهلاكية، مما يشير الي ان الارباح في القطاع غير المالي لن تتحمل مشاكل الاسواق المالية التي سببت خسائر للبنوك والمؤسسات المالية.
واذا كان خبراء الصناعات الامريكية يرون ان مكاسب جنرال ايلكتريك ستعود الي مستواها المرتفع في الربع الثاني بناء علي التوقعات التي تقول ان ركود الاقتصاد الامريكي قصير وبسيط، الا ان النتائج المزعجة وانخفاض ارباح العديد من الشركات مثل جنرال إليكتريك والكوا انك ويونايتد بارسيل سيفيز وغيرها من الشركات الكبري الحساسة للظروف الاقتصادية تؤكد ان هذه التوقعات متفائلة اكثر من اللازم.
وزعزعت ايضا نتائج إليكتريك بعض المعتقدات السائدة في وول ستريت، ومنها ان الشركات الكبري متعددة الجنسيات باتت من المرافئ الآمنة للاسواق المالية، حيث سجلت جنرال إليكتريك اكثر من نصف مبيعاتها التي تبلغ قيمتها 173 مليار دولار في عام 2007 من اسواق خارج الولايات المتحدة الامريكية، وحققت نتائج عالمية قوية ولكنها لم تستطع توفير احتياطي يكفي لمواجهة مشاكلها في الداخل، وهذا دليل علي عدم القدرة علي تعويض انكماش الارباح الامريكية بالمكاسب التي حققتها في بقية اسواق العالم.
وتعرض مستثمرو وول ستريت لفزع مؤقت عند سماع نبأ انخفاض ارباح جنرال إليكتريك والسبب وراء هذا الفزع ان الشركة تعمل عادة في علاقة وثيقة مع محللي وول ستريت في اعطاء ارشادات واضحة عن توقعاتها من الارباح.
وكانت جنرال إليكتريك تتفق تماما مع توقعات المحللين، ولكن هذه المرة خاب ظن المحللين الذين توقعوا عوائد قياسية لاسهم الشركة، ولكنهم فوجئوا بانخفاض قدره %8 عن عوائد الاسهم في العام الماضي.
والطريف ان كيث شيرين المسئول عن الشئون المالية حاول ان يكون صريحا وشفافا امام المستثمرين والمحللين بقوله إن الشركة لم تكن تقصد ذلك ولا تريده ان يحدث، وان انمكاش الارباح كان رغما عنها، غير ان سكوت دافيز المحلل المالي في شركة مورجان ستانلي والذي يقوم بتقييم اعمال الشركة يؤكد وجود عيوب في البيزنس الذي تديره جنرال اليكيتريك في الفترة الاخيرة بعد تحقيق ايرادات ضخمة وارباح قوية علي مدار السنوات الخمس الماضية.
وكان جيفري يشعر دائما بضغوط لتقليل التعرض للخدمات المالية التي تتميز بالتقلبات الحادة وتقل قيمتها عادة عن قيم السلع الصناعية حيث تبلغ قيمة ارباح القطاع المالي حوالي نصف ارباح جنرال إليكتريك رغم ان جيفري باع عمليات التأمين المتقلبة في الشركة ويعتزم تقليص وحدة اقراض المستهلك.
وطلب المحللون والمستثمرون من جيفري ان يتخلص من قناة NBC يونيفرسال التليفزيونية والسينمائية، لأن هذا البيزنس لا يتفق مع بقية فروع الشركة الصناعية ولكنه يؤكد انه لن يبيع شبكة التليفزيون ولا بيزنس السينما.
ورغم ان جيفري ملتزم بفكرة تنوع الانتاج الصناعي في شركته، فإنه مستعد لاعادة هيكلة محفظته الانتاجية حيث باع قطاع اللدائن بمبلغ 11.6 مليار دولار لشركة الصناعات الاساسية السعودية واشتري شركات مياه.
ويعتزم كيث شيرين تقليل التكاليف هذا العام بحوالي 600 مليون دولار من خلال تسريح بعض العاملين ويتوقع من عمليات البنية الاساسية لجنرال إليكتريك والتي تقوم بتصنيع محركات الطائرات وتوربينات الطاقة ان تساعد علي التوسع في انتاج الشركة وزيادة ارباحها في العام الحالي.
ومن اكبر مفاجآت جنرال إليكتريك انهيار وحدة التعاملات المالية التجارية التي كانت تحقق نموا ثابتا منذ العام الماضي برغم خسائر العديد من المؤسسات المالية الاخري حيث تعرضت لانخفاض ارباحها التشغيلية بنسبة %20 هذا العام.
ومن المتوقع ان تنخفض اكثر واكثر بنسبة %5 الي %10 مع نهاية العام الحالي.
ويؤكد جيفري ان المشاكل في قطاع الخدمات المالية التجارية لم تظهر الا في النصف الاخير من مارس الماضي بعد انهيار بنك بيرستيرنز واضطرار J.P. مورجان تشيز الي انقاذه بمساعدة الحكومة الامريكية.